جاسر عبدالعزيز الجاسر
كشفت الاستعدادات لتخليص محافظة نينوى من احتلال تنظيم داعش عن انتماءات وتوجهات مَن يحكمون العراق الآن، والذين قَدِموا تحت عباءة الاحتلال الأمريكي - البريطاني. فقد أظهرت المواقف التي حملتها تصريحات المسؤولين الحاكمين سواء في المنطقة الخضراء في بغداد، أو في أربيل وحتى في السليمانية والموصل مَن يخدمون تلكم المسؤولين الذين وإن أظهروا حرصهم على السيادة الوطنية العراقية، إلا أن المواقف والتصريحات أظهرت أن مصلحة العراق هي آخر اهتماماتهم.
الأقوال والتصريحات التي أُعلنت بعد الكشف عن وجود معسكر الزلكان المقام على أطراف مدينة الموصل والذي أنشئ بجهود حثيثة من أبناء الموصل قادها أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية وأخوه أثيل النجيفي محافظ نينوى وحظي بدعم ومساندة من حكومة أربيل في أقليم كردستان ومن الحكومة التركية. وقد ضم معسكر التدريب أكثر من ثمانية آلاف متطوع جلهم من أبناء الموصل ومن أبناء العشائر العربية من محافظة نينوى والجزيرة التي تمتد من ربيعة على الحدود مع سوريا حتى حدود محافظتي صلاح الدين والأنبار من جهة وإلى حدود أقليم كردستان، وقد استعان الأخوان النجيفي وهما من أبناء أهم وأعرق الأسر العربية في الموصل، استعانا بتركيا التي مدتهم بمدربين وبمعدات وأسلحة شملت مدرعات وأسلحة خفيفة ومتوسطة كرشاشات ومدافع ميدان وذخيرة، يرافقهم قرابة مئة وخمسين مدرباً عسكرياً، وقد استثمر الأتراك اتفاق تفاهم بين الحكومة التركية وحكومة أقليم كردستان حيث سمحت الأخيرة بمرور المدربين والمساعدات العسكرية بأراضي أقليم كردستان والوصول إلى معسكر الزلكان، والقوة التركية التي يصر الأتراك بأنها تهتم بتدريب المتطوعين العراقيين ولن تشارك في القتال، وللأتراك أيضاً وجود عسكري آخر ولكن في إقليم كردستان، إذ يوجدون في موقعين بالتفاهم مع حكومة كردستان لمحاربة عناصر حزب العمال الكردستاني، وهو وجود لا يحظى بترحيب من قبل الحزب الكردستاني الآخر الذي يشارك حزب مسعود البرزاني حاكم أقليم كردستان، إذ يعارض الحزب الوطني الكردستاني الذي يرأسه الرئيس السابق جلال طالباني والذي يصنف الآن كحزب له علاقات بالنظام الإيراني، ولذلك فقد اعتبرت تصريحات الرئيس العراقي الحالي الدكتور فؤاد معصوم الذي ينتمي لهذا الحزب بأنها تعكس مواقف حزبه المحسوب الآن على إيران. ويرى المحللون السياسيون أن موقف معصوم والأكراد في السليمانية حيث معقل حزب الاتحاد الوطني يعكس المناكفات السياسية بين الحزب الوطني الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه مسعود البرزاني، الذي وإن لم يعلق على دخول المدربين الأتراك إلا أنه مؤيد بل وستشارك قواته في عملية تحرير نينوى.
أما موقف حيدر العبادي فيرى فيه المحللون مؤيداً للموقف الإيراني، ويذكر هؤلاء المحللون إلى أن العبادي يصمت أمام التدخل الإيراني الذي أرسل مقاتلين لمشاركة عناصر الحشد الشعبي في معارك صلاح الدين وديالى والآن في الرمادي، فيما يعارض دخول عدد محدود من المدربين الأتراك، ويرفض المشاركة البرية للأمريكيين ويطلب منهم أسلحة ودعماً جوياً للعمليات العسكرية التي يؤكد الأمريكيون أنهم لا يمكن أن يشاركوا في عمليات عسكرية يشارك فيها أو حتى يوجد فيها مقاتلون من إيران سواء في مليشيات الحشد الشعبي أو في القوات العسكرية العراقية كمستشارين.
التصريحات العراقية الرافضة للمشاركة الأمريكية والمساعدة التركية التي صدرت عن الجهات المحسوبة على إيران لم تواجهها تصريحات من المعنيين مباشرة، فلم يتحدث رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، كما لم يصدر عن مسعود البرزاني رئيس أقليم كردستان ورئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، ولا حتى وزير الدفاع العراقي، كما لم يصدر عن المكونات العراقية الوطنية التي تضم القوائم العراقية العربية المحسوبة على المكون السني أي تعليقات، مما يعني ضمناً تأييدها لأي مساعدات عسكرية لتخليص نينوى من احتلال داعش.