محمد المنيف
في عدد قادم سأستعرض واقع الأقلام التشكيلية التي خدمت الفن التشكيلي منذ انطلاقته، التي تنوعت وتعددت ألوانها واختلفت في طرحها حسب إملاءات من يحركها، منها المعايش للساحة والقريب من تفاصيلها، ومنها ما يغيب عن الواقع ويعتمد على الخيال.
لا شك أنها أسست قاعدة نقدية من البعض حتى ولو كان ما تسطّره تلك الأقلام يُعد انطباعياً لا يصل إلى سقف النقد المتعارف عليه والنابع من نظريات تتابعت عبر تاريخ الفن عالمياً وتطورت وعلا سقف تأثيرها مع ما واجهها من اعتراضات من جانب الفنانين الممارسين للعمل الفني من تقليل من قيمة ما يُكتب أو يُطرح إلى أن اتجهت للنزول وتغيرت أو تضاءلت نتيجة تغير سبل الإبداع التي لم تعد تهتم بتلك النظريات والفلسفات لسرعة تحرك التجارب الحديثة وتبدل سبل تنفيذها التي لم تعد ذات علاقة بالتاريخ أو البقاء، ولعدم سعي أصحابها خصوصاً المعاصرين أن تدخل متحفاً أو تجد مكاناً لائقاً بها في إحدى المؤسسات من باب الإعجاب على الأقل أو التجميل، واعتمدوا على الفكرة الجالبة للاندهاش سريعة الذوبان ومثيرة للجدل بلا انتماء أو علاقة بثقافة أو تراث.
هذه الأعمال لم تعد في حاجة لكثير من تلك الأقلام التي سعت لكسب هذا الجيل الحداثي بمحاولة استرضائه بتغليف ذلك التحول بالمديح.
أعود لإطلالة مختصرة عن تاريخ الأقلام التشكيلية بدءاً بالتي كان هدفها التعريف بالفن، مروراً بالتعريف بالفنانين وبنشاط الساحة والأخيرة جمعت بين العمل الصحفي وكتابة الزاوية التي تتضمن التقييم وإبداء الرأي، أما الخارجة عن سرب الخط المعتدل في الأقلام التشكيلية فهي التي لا تستقر على رأي وخط تتجاذبها الرغبات الشخصية وتديرها الأهواء وتحمل الكثير من روائح الأعداء؟ لأفراد أو مؤسسات، فمثل هذه الأقلام لا يمكن جمع أو توثيق ما سطّرته لوجود عبارات وجمل وتلميحات لا يمكن أن يقبلها القلم لولا قوة ضغط أنامل كتّابها.
أشياء أخرى وحكايات سيكون لنا معها وقفة للتاريخ، نسعى لحفظ حقوق من كان لهم دور فاعل وتوقفوا لأسباب خاصة، لكنهم أبقوا أجمل ما كُتب وأثروا الساحة بأسماء أصبحت رموزاً في تاريخ التجربة التشكيلية السعودية من خلال ما حظوا به من جهود أولئك الكتّاب أو الصحفيين المتخصصين في الفن التشكيلي قدموا هلال الرموز في صفحات الصحف التي كانت مؤثرة ومتابعة عكس ما نعيشه من بعثرة وضياع (للطاسة).