خالد بن حمد المالك
يغشانا الفرح مع كل قرار جديد يصدر عن قادة دول الخليج؛ فمعه ينتشي المواطن الخليجي، وبه يعوّل على مستقبله الواعد بما يتمنى، ومنه يستلهم ابن الخليج أهمية موقع قدمه الثابت في أرضه، وفي مثل هذه الأجواء يستريح هذا المواطن دون أن يغفل عن حجم التحديات التي تقلقه.
***
أمس بدأت اجتماعات القمة الخليجية بالرياض، واليوم تختتم أعمالها، وفي هذا اليوم يعلن القادة عن الجديد الذي جد في مسيرة القمة الخليجية، فيما تتركز الأنظار وتصغي الأسماع إلى شاشات التلفزة لمعرفة ما تم الاتفاق عليه، وما أُجّل استكمال بحثه ومناقشته إلى القمة القادمة.
***
يومان من الاجتماعات، سبقهما التحضير من وزراء الخارجية، كما تم على مدى عام كامل رصد كل ما ينبغي بحثه والاتفاق عليه، بروح المسؤولية، والشعور بأن مجلس التعاون الخليجي وُلد ليكون حارساً أميناً على مصالح أبناء الخليج، يحفظ حقوقهم، ويدافع عنها، ويعززها، بما يستجيب لتطلعاتهم.
***
تودع الرياض اليوم القادة بمثل ما استقبلتهم، وترسم في سمائها علامات النصر، وتطوق الجميع بالحب، وتأذن للقرارات التي تم التوصل إليها بالتفاعل مع مظاهر الفرحة التي عبّر عنها أبناء المملكة، وامتدت إلى أبناء كل دول الخليج التي يجمع شعوبها نسيج من صلة القرابة والتاريخ المشترك.
***
أجل، لا خوف على دولنا في الخليج، طالما كنا على هذا النهج نسير، وبهذه الخطى نمضي، وكنا على قلب رجل واحد؛ فلن يجد عدونا المشترك عندئذٍ ثغرة يتسلل منها لإحداث اختراقات في أمننا واستقرارنا، وهو هاجس دائم لديه، ولن يتوقف عن محاولات الدس الرخيص للوصول إلى أهدافه المشبوهة.
***
فكرة التوافق بين القادة على قيام هذا المجلس في وقت مبكر، وقبل أن يغزو منطقتنا تحديداً هذه الفوضى غير الخلاقة، تنم عن فكر نير لدى قادتنا، ورؤية صائبة، وعمل مدروس، وسعي لبلوغ دولنا هذا البناء الحضاري الذي تراه العين على الطبيعة مما لا مثيل له في دول سبقتنا في الشروع بمثل هذا البناء.
***
ولا بد أن تكون طموحاتنا وتطلعاتنا مستمرة في التوالد عن أفكار تطويرية لهذا المجلس، وأن يتواصل التطوير لكل ما تحقق على شكل إنجازات، نقوي بها من مكانة دولنا، ونرسم بها مستقبلاً أفضل لعقول أبنائها الذين درسوا في الغرب والشرق وفي دولهم، فكان التفوق مصاحباً لمسيراتهم التعليمية.
***
وبهذا يبقى الحلم الجميل قائماً، بأن تكون دولنا مصدر رخاء واستقرار وحب، ومن تطور إلى تطور، اعتماداً على الذات بالعمل والإخلاص والتعاون، دون أن نغمض أعيننا عن أعداء يتربصون بنا؛ حتى نمنعهم من أن يكون لهم موقع قدم أو رأي أو تأثير في قراراتنا وسياساتنا وتوجهنا.
***
عاشت دول الخليج عصية على الأعداء، وعاشت شعوبها حرة أبية، ولتكن هذه القمة مفتاحاً لرسم ما هو أفضل من إجراءات لهذا الجزء المهم من العالم، وحفظها من شر من يُغرَّر بهم من أبنائها، وممن يحيك المؤامرات ضد أمنها واستقرارها.