خالد بن حمد المالك
ما يعنينا في قمة مجموعة العشرين التي عقدت بانطاليا في تركيا هو الدور السعودي المؤثر والفاعل في القمة، حيث إن تركيزنا عليه يأتي من منطلق أهمية المملكة والدور الذي لعبه رئيس الوفد الملك سلمان، وما يهمنا أيضاً أن نتعرف على تأثير قرارات القمة على الوضع الاقتصادي في المملكة في ظل التحديات التي تشهدها الدول المنتجة للنفط مع انخفاض أسعاره والتقلبات التي تمر بها الأسواق العالمية، ومدى ارتباط تحسن الاقتصاد بالعالم في تحقيق الأمن والسلام، وقدرته على التماسك وعدم التراجع لما قد يتركه ذلك من تزايد في البطالة وشح في الإنفاق على برامج التنمية في الدول المنتجة للنفط، وانخفاض في معدل المشروعات التي تقود إلى الحركة المطلوبة لتدوير رؤوس الأموال، وهي بعض ما يلفت النظر ويتوقع أن يتم ربطها مع أي قرار يتم الاتفاق عليه بين الدول العشرين.
***
هناك اهتمام عالمي، ومتابعة غير عادية لهذا المؤتمر مقارنة بما سبقه من مؤتمرات مجموعة القمة العشرين، حيث تم انعقاد هذا المؤتمر مع تراجع للاقتصاد العالمي، وتزامنه مع استمرار هبوط أسعار البترول، وعدم قدرة بعض الدول على الوفاء بالتزاماتها، وما يمثله واقعها من شح في الموارد وتصاعد في الديون وعجز في إيجاد آلية لتسديد الديون والخروج من هذا النفق، وهو ما حمَّل القمة مسؤولية البحث عن معالجة لحماية اقتصاد العالم من الخطر، وفي ذات الوقت البحث عن إمكانية أن تتم مساعدة الدول المتضررة في معالجة أوضاعها في حدود الإجراءات الممكنة، دون أن يجعلها دولاً اتكالية لا تأخذ بمشورة الصناديق والمؤسسات ذات الصلة بالاهتمام بأوضاع الدول في جانبها الاقتصادي وما يتفرع منه.
***
ولابد أن نشير إلى أن الأمن والاقتصاد شريكان لا ينفصلان عن بعضهما، فلا يمكن أن تتمتع الدول باقتصاد قوي في وضع أمني غير قادر على حماية هذا الاقتصاد، ومثله لا يمكن أن تتمتع الدول بأمن مستقر بينما تعاني من البطالة ومن ديون مستحقة للغير وتتنامى هذه الديون بشكل مزعج مع عجز في تسديدها، ما يعني تأثير ذلك سلباً على الاستقرار وعلى توالد فرص التوظيف، في ظل الحاجة إلى مساعدة مثل هذه القمة على تجاوز أزمات هذه الدول القابعة شعوبها تحت خط الفقر، الأمر الذي يجعل من اهتمامات القمة النظر إلى السلم العالمي كونه البيئة الضرورية لإيجاد الحلول لمشكلات الدول، بما في ذلك محاربة الإرهاب وهزيمته، وبث روح التفاؤل بين الشعوب بما سيتحقق لهم في المستقبل المنظور.
***
لا بأس أن تكون قمة العشرين كما هي معنية بالاقتصاد وتحسن الدورة الاقتصادية العالمية، أن يكون الإرهاب موضوعاً مهماً ومطروحاً للنقاش بما يفيد دول العالم بما فيها الدول التي لا تشارك في اجتماعات القمة، كون الإرهاب قضية أساسية ومهمة وذات صلة بالاقتصاد، بما جعل منه موضوعاً رئيساً في محاور القمة وهو ما حدث فعلاً، إذ إن الإرهاب لقي من الاهتمام ما عبر عنه جزئياً البيان الختامي المشترك، ولعل هذا الاهتمام قد أشير إليه في لمسة إنسانية عند افتتاح القمة، حيث وقف الزعماء لحظة صمت لدقيقة واحدة مواساة وحداداًَ لمن قتلوا في باريس وفي تركيا في عمليات انتحارية إرهابية، وأعتقد أنني لست في حاجة إلى تكرار هذه العلاقة بين الأمن والاقتصاد، وكيف أن الدول التي لا تتمتع بشيء من الاستقرار، وتلك التي تعاني من الإرهاب، إنما تعيش وضعاً اقتصادياً خطيراً بعد أن كانت في حالة جيدة قبل أن يضربها الإرهاب.
يتبع