خالد بن حمد المالك
مثلما أن الرياض كانت العاصمة العربية المضيفة للقمة العربية اللاتينية الشهر الماضي، ها هي اليوم تحتضن قمة مجلس التعاون لدول الخليج، ضمن استقطابها الدائم للقمم التشاورية وغير التشاورية، جماعية كانت أو ثنائية، في زمن ليس هناك فيه أفضل من أجواء الرياض السياسية المعتدلة لمواجهة التحديات بالقرارات المؤثرة.
* * *
القمة الخليجية في دورتها (36) برئاسة الملك سلمان ستكون مهيأة للتوافق بين قادة المجلس على قرارات جديدة تعزز من القوة الخليجية أمنياً واقتصادياً، وتضيف إلى ما كان صدر عنها في قمم سابقة من قرارات مزيداً من الاتفاقيات التي تجذر التعاون بين دول المجلس إلى ما هو أفضل.
* * *
لا شك أن التحديات كثيرة وخطيرة، والمؤامرات في تصاعد، ولا يمكن أن نتجاهل أن هذه المنظومة من التعاون بين دول المجلس تقلق بعض الجهات والدول؛ وبالتالي فهي لا تتردد في العمل على إعاقة وإجهاض أي تنسيق أو تفاهم أو توافق يتم بين دول متجانسة في كل شيء كدول مجلس التعاون.
* * *
غير أن الملوك والأمراء قادة دول المجلس على وعي ومعرفة وإدراك بما يحاك من مؤامرات ضد مصالح دولهم، وهم على يقين بأن تضامنهم وتعاونهم أفشلا ويفشلان مثل هذه المؤامرات؛ وأنهم لن يسمحوا بتحقيق أطماع أعداء دولهم، بما في ذلك التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، أو المساس بوحدة أراضيها وأمنها واستقرارها.
* * *
وشعوب دول مجلس التعاون من جانب آخر، يعلمون جيداً بما تخطط له الدول المعادية لدولهم، ولم يغب عن بالهم ذات يوم أن قوتهم إنما هي في التلاحم فيما بينهم، وتفهمهم لحقيقة ما يجري من مخططات لإرباك العمل والتطور في بلادهم، وأن تصديهم بحزم لمن لا يريد الخير لهم قد مكّنهم ومكّن دولهم من أن يبقوا أقوياء، وأن تصل دولهم إلى هذا المستوى من التطور والاستقرار.
* * *
وبينما يموج العالم - بأغلب دوله - بالتفجيرات والتخريب وعدم الاستقرار، فإن دول مجلس التعاون هي بالمقارنة مع غيرها في حال جيد، وإن حدث في بعضها خروج بعض أبنائها المغرر بهم على التقاليد الجميلة، وحاولوا الإضرار ببلادهم، إلا أن ما تم من أعمال إجرامية كانت دائماً تحت السيطرة، والتعامل بحزم مع المنفذين والداعمين، بما فوّت الفرصة على كل من كان ينوي تصعيد الإضرار بدولنا وشعوبنا.
* * *
فأهلاً بالقادة في وطنهم، مرحباً بهم في بلادهم، إنهم ضيوف سلمان وشعب المملكة العربية السعودية، فأكرم بهم من ضيوف، يحملون همّ هذه الأمة، ويسعون لخدمتها، ويلبون النداء من أجل الدفاع عن دولهم من أن يمسها العدوان، أو أن ينال مواطنيها أذى الإرهاب.
* * *
وبقي أن نذكر قادتنا أن الاتحاد غير التعاون، وأن المرحلة الحالية تستوجب المضي في تحقيق الاتحاد بين دول المجلس، بعد سنوات من التعاون الجاد الناجح، وأن خيار الاتحاد ينطلق من اللحمة الواحدة التي تجمع مواطني المجلس، فلتكن قمة الرياض بداية للإعلان عن استكمال الدراسات، واتفاق القادة بانتقال مجلسهم من التعاون إلى الاتحاد.