د. عبدالواحد الحميد
أحد الأنظمة المهمة التي صدرت في الآونة الأخيرة هو ما تمت الموافقة عليه في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في الأسبوع الماضي بتاريخ 18 صفر 1437هـ الموافق 30 نوفمبر 2015م وهو نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
وطبقاً لما جاء في بيان مجلس الوزراء فإن النظام يهدف إلى «تنظيم العمل الأهلي وتطويره وحمايته وتعزيز مساهمة المواطن في إدارة المجتمع، وتفعيل ثقافة العمل التطوعي وتحقيق التكافل الاجتماعي».
لم تتضح لي معالم هذا النظام الذي سبق مناقشته طويلاً في مجلس الشورى، لكن من المفترض أنه سوف يعزز منظمات المجتمع المدني في المملكة ويسد القصور الذي يعتري إجراءات تأسيس هذه المنظمات في الوقت الحاضر.
إن مسمى «الجمعيات الخيرية» كان هو المظلة شبه الوحيدة التي يمكن أن تُمارَس من خلالها بعض الأنشطة بشكل منهجي بالرغم من عدم وقوعها في دائرة «العمل الخيري» النمطي المتعارف عليه والذي يصب غالباً في أنشطة البِر والإحسان.
وعلى سبيل المثال، توجد مؤسسات ثقافية ذات نشاط مؤثر وكبير في مجالها مثل مؤسسة حمد الجاسر الخيرية ومؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية وغيرهما من المؤسسات الثقافية المعنية أساساً بقضايا الفكر والنشر والنشاط الثقافي المنبري ولكنها وجدت أن المخرج القانوني لها كي تمارس أنشطتها هو أن تكون جمعيات خيرية بالرغم من أن الصورة النمطية التقليدية للجمعيات الخيرية لا تنطبق عليها.
مثل هذه المؤسسات الخيرية كان الأنسب لها أن تحمل مسميات أقرب إلى طبيعتها الثقافية وفق أنظمة تحكم عمل منظمات المجتمع المدني. ومن المفارقات أن بعض المواطنين المحتاجين يطرقون احياناً أبواب بعض هذه المؤسسات الثقافية الخيرية اعتقاداً منهم أنها تمارس أعمال البر والإحسان التي تمارسها الجمعيات الخيرية التقليدية ما يضعها في مواقف محرجة مع الناس.
وهناك مؤسسات خيرية أخرى تمارس انشطة متخصصة لكنها تختلف عن الجمعيات الخيرية المعتادة التي تنظم وزارة الشؤون الاجتماعية عملها. ولاشك أن توحيد المسمى الخيري وربط عملها بوزارة الشؤون الاجتماعية يؤدي إلى الكثير من الخلط والإرباك.
لقد قطعت بلادنا شوطاً طويلاً في مسيرتها التنموية والاجتماعية والثقافية، فضلاً عن الاقتصادية والتنظيمية. وقد حان الوقت للتأسيس لحراك اجتماعي يشارك فيه المجتمع المدني في تعزيز هذه المسيرة عبر مؤسساته ومنظماته المتنوعة بعيداً عن قيود الإجراءات البيروقراطية التي تجاوزها الزمن وذلك بتطوير الأنظمة التي تحكم عمل المؤسسات والمنظمات الأهلية.
المأمول هو أن النظام الجديد سيتلافى القصور القائم حالياً، وأن تأتي اللوائح التنفيذية التفصيلية للنظام مواكبة لتطلعات المواطنين ولما حققته بلادنا من حضور دولي وأهمية لافتة من خلال عضويتها في مجموعات عالمية كبرى مثل مجموعة العشرين التي تقتصر عضويتها على عدد محدود من دول العالم.