سمر المقرن
هل يُمكن أن يفقد إنسان حياته بعد موت شريكه؟ هذا نعرفه -فقط- في حياة طيور الحب، حيث لا يستطيع الذكر أن يستمر في الحياة بعد موت أنثاه والعكس. أما البشر فطبيعة الحياة مستمرة، وقد يشعر الإنسان بحالة فقد كبيرة بعد موت شريكه، ولا تكون حياته كما هي عليه في السابق، ويصاب بالاكتئاب والقلق، وقد يبقى في الحياة مجرد جسد بلا روح، كثيرة هي القصص التي نسمعها عن هذه الحالات، أما أن تصل حالة الفقد إلى الموت فهذه قد يراها أناس قصص من «الفانتازيا» وضرب من ضروب الخيال، لكنها حقيقة حدثت قبل أيام في الكويت، عندما توفيت يوم 24 نوفمبر الفائت السيدة رانية محمد البحر وقام زوجها خالد عبدالله البدر بتشييعها إلى مثواها الأخير، لكن قلبه لم يحتمل الفراق فتم إدخاله إلى العناية المركزة وبعد خمسة أيام فقط انتقل إلى جوارها.. رحمهم الله جميعًا.
هذا نوع من الوفاء النادر، في زمن الرجل فيه يبحث عن النزوات كلّما تقدم في العمر، وكأن شريكة حياته صارت منتهية الصلاحية، مع أن المشاعر والأحاسيس والعشرة الجميلة لا دخل لها في سنوات العمر إنما في سنوات العشرة والحب والأخذ والعطاء، هي أحاسيس قلب يظل ينبض بالوفاء والعرفان والشكر كلّما زادت سنوات العشرة. هذا الوفاء النادر لم يترجمه خالد قولاً إنما فعلاً، هي حياة انتهت لأنها كانت شراكة حقيقية للحب والغرام واستشعار الأيام الجميلة، ولأن هناك أشخاصا لا يستطيعون أن يستشعروا أي جماليات في هذه الحياة دون الطرف الآخر، ولا يمكن أن يجدوا أنفسهم في يوم ما مع أحد غيره، فيأتي الموت ترجمة مختصرة لكل هذا الشعور.
قبل أيام قرأت عن دراسة نقلها موقع «فوكس» الألماني، أن هناك 2.5% من الأشخاص المصابين بأزمة قلبية يعانون من (متلازمة القلب المنكسر) والتي تأتي بسبب الإجهاد العاطفي، وقد بينت هذه الدراسة أن الرجال الذين يفقدون زوجاتهم تزيد لديهم الإصابة بهذه المتلازمة بمعدل 18% والنساء بمعدل 16% وهذا يدعوني للإشارة إلى أن النساء أقوى من ناحية الصدمات العاطفية وهذه الدراسة أحد الأدلة التي تثبت وجهة نظري. لن أخوض كثيرًا في هذا لكنني وددت العبور عليه لتذكير من ينظر إلى المرأة وكأن العاطفة لديها عبارة عن أمواج تأخذها بلا دليل!
أعتقد أن الرجال لدينا هم أقل الناس إصابة بمتلازمة القلب المنكسر، بدليل أن -بعضهم- عندما يتجاوز نصف العمر مع شريكته يبحث عن أخرى بهدف التجديد، وكأن المشاعر عبارة عن رغبات فقط، بلا مشاعر ولا أحاسيس، ولا ينظر إلى أن هذه المرأة التي تركها من الصعب عليها أن تستأنف حياتها وتبدأ حياة جديدة، بدليل أننا دائمًا نسمع عن قصص رجال تركوا زوجاتهم بعد منتصف العمر ولم نسمع عن العكس، لأن المرأة في جميع الأحوال وفي كل الديانات والمذاهب والملل هي الأكثر وفاءً، والأقوى تحكمًا في رغباتها!