سمر المقرن
غرقت في الضحك مُجبرة، وأنا أقرأ ذلك التقرير الصادر عن المجلس الاقتصادي العالمي عن مؤشر المساواة بين الجنسين، وأن المملكة تفوّقت على عدد من الدول العربية، حيث نقبع في المركز الثامن، بينما اليمن التي محاكمها مليئة بالقاضيات النساء من خمسين عامًا، أتت في المركز الخامس عشر، وفي اليمن عشرات المنظمات والجمعيات الحقوقية الخاصة بالمرأة ونحن لا يوجد لدينا واحدة ولا حتى فرع جمعية. صحيح أن المرأة في اليمن تفتقد إلى كثير من الحقوق المدنية والاقتصادية لكنها ليست أفضل حالاً من شقيقتها السعودية.
وتأتي في المركز الذي يسبق اليمن سوريا، وهذه الدولة لو نظرنا إلى وضعها الحالي نجد أنها في الأساس لا يوجد لديها أي مجال للقياس كونها دولة مدمرّة ومنتهية تمامًا، أما أوضاع المرأة السورية قبل الثورة والحروب والويلات فلم تكن سيئة.
أما المثير للضحك والاستغراب أن توضع مملكة الأردن في المركز الثالث عشر، ولا أظن أن هناك أي مقارنة يُمكن عقدها مع أوضاع المساواة بين الجنسين بيننا وبينهم، فهناك بون شاسع ومسافة مئة سنة ضوئية من الاختلاف، فالمرأة الأردنية صحيح أنها لم تحصل على كل الحقوق التي تتمناها، لكن حياتها ليست مرهونة بـ»محرم» فهي بدون رجل قادرة أن تعيش حياة طبيعية وأن تقرِّر مصيرها، وأن تركب سيارتها وتوصل أولادها إلى المدرسة، وتستطيع أن تركب الطائرة وتسافر دون أن يكون هناك محرم يوافق لها أو يبيع موافقته لها بمقابل مادي.
هناك أشياء منطقية وأشياء تفتقر إلى المنطق، صحيح أن وضع المرأة السعودية في تحسّن مستمر، لكن علينا أن لا ننكر أن هناك أموراً وأنظمة ما زالت تقيّدها، ومن غير المنطقي أصلاً أن نعتبر وجود مساواة بين الجنسين في السعودية بسبب أن الثقافة المجتمعية لم تألف هذه المساواة.
ولا يمكن أن أقابل مثل هذا التقرير إلا بموجة ضحك وسخرية لأنه يعتمد على مصطلح من الصعب أن يوجد في مجتمع دون إفراد أرضية قانونية له، هذه القوانين هي التي ستُغيِّر الأفكار وستعزِّز وجود هذه المصطلحات المتطورة في المجتمع.
أنا شخصيًا أرى أن - بعض- التقارير الصادرة عن منظمات عالمية نجدها إما موغلة في المديح بشكل غير منطقي وغير عقلاني كهذا التقرير، أو نجدها موغلة في الكذب والافتراء والتجريح، ولا أرى أي فارق بين النوعين فمن يمدحني فيما ليس فيّ، مثله مثل من يفتري ويكذب عليّ، كلاهما بعيدان عن الحقيقة، في وقت نحن بحاجة فيه إلى الصدق والحقيقة لنطوّر من أنفسنا ونعرف موقعنا جيدًا وطرق التقدّم والتغيير، دون تقارير بعيدة عن الواقع، وعن الحقائق التي من الممكن أن تكون طريقًا للتغيير الإيجابي بمؤشرات واعية ذات مصداقية.
عمومًا أنا لا أعرف مقاييس ذمة المجلس الاقتصادي العالمي، لكنني مما رأيته في هذا التقرير أظنها تُقاس بالمتر!