سمر المقرن
ها هو العالم، كل العالم، من بداية شهر نوفمبر وهو يقوم بالفعاليات تلو الأخرى تذكيرًا باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. ولن أذهب بعيدًا، ولن أذكر دولة غربية بل أقول الكويت جارتنا والقريبة منّا في كل شيء بدأت جامعاتها وكثير من مؤسساتها بعمل حملات طيلة هذا الشهر بمشاركة طالباتها وطلاّبها لإيجاد بصمة حقيقية ضد العنف، ونحن باعتبارنا من بين أكثر البقاع التي ينتشر فيها العنف ضد المرأة بكل مسمياته وأشكاله بداية من العنف النفسي والقانوني إلى العنف الجسدي ماذا فعلنا؟ ما هي الفعاليات التي أنشأتها جامعاتنا ومدارسنا لإيجاد موقف حقيقي يناهض العنف ضد المرأة؟ لماذا لدينا حساسية بالغة من هذا الموضوع؟ لماذا نحاول إنكاره مع أن أقسام الشرطة والصحف تعج بالقضايا والخافي أعظم؟ لماذا لا يكون لدينا جمعية لمناهضة العنف؟ هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة تدور في ذهني كل إجاباتها تتلخص في أن القصور هو بسبب عدم وجود جمعية لمناهضة العنف ضد المرأة، ولو كان هناك جمعية قوية ومدعومة مثل جمعية حقوق الإنسان مثلاً يعمل بها ممن يمتلئ بهموم المرأة لكان هناك فعاليات وحملات ليس في شهر نوفمبر الذي يشهد يوم 25 يومًا عالميًا لمناهضة العنف، بل لأصبحت كل أيام السنة لدينا مليئة بالبرامج والأنشطة والحملات. قد يقول -بعضهم- أن هناك لجنة تحت مسمى (الحماية الأسرية) تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية تقوم بمثل هذه الأدوار، وأؤكد أن لهذه اللجنة دور جيّد لكنه غير كاف، كما أننا بحاجة إلى مجتمع مدني بعيد عن بيروقراطية المؤسسات الحكومية، وحتى اللجنة أتت تحت مسمى يلف ويدور المهم أن لا يكون المسمى مباشر عن مناهضة العنف ضد المرأة، لا أدري لماذا إلى اليوم نخاف من هذه التسمية؟!
برغم أن الوعي بدأ يأخذ مجراه في المجتمع السعودي إلا أن هناك نقصا حقيقيا في إقامة فعاليات توازي أهمية الحدث، ولا يوجد لدينا من يقوم بعمل مثل هذه الفعاليات -حسب علمي- سوى منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف، عدا هذه الجهة كأنهم لا يعلمون بهذه المناسبة العالمية! مع أننا معنيون بها كوننا قد قمنا بالتوقيع على اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة -سيداو- منذ عام 2000م، ومعنيين كذلك كوننا جزءا من المجتمع الدولي الذي يهتم بهذه المناسبة، لكن لدينا -بعض- من يعتقد أن المشاركة بعقد فعاليات مثل هذه يعتبر اعترافا بوجود المشكلة وقضيتنا الكبرى هي عدم اعتراف -بعضهم- بهذه القضية الكبرى!
أضف إلى ذلك، أن الدول العربية بشكل عام ليس لديها قوانين تجرّم العنف ضد المرأة سوى المغرب والأردن، ونحن جميعًا بحاجة إلى هذه القوانين وعدم تركها للمزاج والصدفة، فالقوانين هي مطلبًا إنسانيًا وأخلاقيًا تحمي إنسان خلق الله -عز وجل- إنسان آخر أقوى منه بدنيًا ويستغل هذه القوة في إيذائه!
حملة الأمين العام للأمم المتحدة تأتي هذا العام تحت عنوان: (اتحدو)».. قائلاً: «اكسروا حاجز الصمت ولا تقفوا مكتوفي الأيدي عند مشاهدة ظواهر العنف ضد النساء والفتيات».. فهل سنجد جمعيات حقيقية تسعى لتقليص هذه المشكلة؟!