جاسر عبدالعزيز الجاسر
في الحياة اليومية للمجتمعات يتجنب الناس التعامل مع الأشخاص الذين يشذون في أفعالهم ويخرجون عن الطريق السوي، ويصبح ذلك الشخص منبوذاً ويشخص كإنسان منبوذ من المجتمع ويطلق عليهم أوصاف ومسميات لفرزهم عن المجتمع كأشخاص خطرين يجب مراقبتهم ومحاصرتهم لتجنب أذاهم ومقاومتهم بسلطة القانون، وهذا النفر في المجتمع مشخصون ويطلق عليهم تسميات معروفة تدخلها في خانة المجرمين والمشبوهين الذين يهددون مجتمعاتهم، في مصر يسمونهم «البلطجية»، وفي الشام ولبنان والأردن «قبضايات»، وإن أدخل نظام بشار الأسد مسمى آخر لهؤلاء الشاذين هو «شبيحة» وفي العراق «شقاوة».
كل هؤلاء مهما اختلفت المسميات معزولون ومنبوذون في سجلات حكوماتهم مسجلون خطر، وفي المجتمع يتجنبهم الجميع، معزولون مكروهون، ولا يتعامل معهم إلا الذين من شاكلتهم، الذين يسعون لخدماتهم للخروج على القانون.
في الدول أيضاً هناك أنظمة وكيانات، يمكن أن نطلق عليها بلا تحفظ أنظمة «بلطجية» لأنها تعمل وبلا توقف وبإصرار على خرق القوانين والأعراف الدولية والقيم الإنسانية.
هذه الأنظمة والكيانات تقلص عددها بفضل تكاتف الأسرة الدولية التي تنبذ التعامل معها، إلا أن القليل من هذه الأنظمة لا يزال يمارس «البلطجة» كون بعض الدول منها من تسمى بالدول الكبرى تستعملها لفرض أجندات لا تريد أن تلطخ مؤسساتها وأجهزتها، فتوكل إلى تلك الأنظمة وأجهزتها تنفيذ الوساخة والقذارة التي عن طريقها تحقق ما تريد في العديد من المناطق.
من بين هذه الأنظمة والكيانات الشريرة التي تعمل خارج القوانين والقيم الإنسانية يحتل الكيان الإسرائيلي ونظام ملالي إيران المواقع المتقدمة، وكل منهما يحظى بدعم ومساندة الدول الكبرى التي ترى فيها وكيلاً جاهزاً لتنفيذ الأعمال القدرة التي لا يريد القيام بها.
إسرائيل التي لم تلتزم بأي قرار من قرارات الأمم المتحدة، وتنتهك القيم الإنسانية بقتلها الأطفال والنساء وتهدم المنازل، وتحتل أراضي الغير من الفلسطينيين والسوريين وأجزاء من لبنان، بدأت في التمرد حتى على أربابها الذين كفلوا حمايتها من العقاب الدولي رغم الحجم الكبير من الانتهاكات والممارسات الإجرامية التي ترتكبها يومياً، فقد صدرت من تل أبيب إساءات وصلت إلى حد التهديد إلى الدول الأوروبية لأنها اشترطت وضع ملصقات على منتجات المستوطنات الإسرائلية في فلسطين وهضبة الجولان السورية، فكان أن تعاملت إسرائيل بأسلوب البلطجي مع من نمت أكتافها منهم، فأمر رئيس وزرائها الذي هو بحق كبير البلطجيين الإسرائيليين بقطع الاتصالات الاقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبي.
أما النظام البلطجي الآخر فهو نظام ملالي إيران الذي يمارس دور الشقي و»قبضاي» الحارة في الدول المجاورة وبالذات في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن، ولم يكتفِ بأعماله الإجرامية فحسب، بل أوجد وفرّخ العديد من الأشرار من قبضاياه وكوّن منهم مليشيات إجرامية تخصصت في تنفيذ الأعمال الإرهابية، ورغم كل هذا فلا أحد يحاسب نظام إيران، بل يجد دعماً من روسيا وتعاوناً حتى من أمريكا التي تحتاج إليه لتنفيذ عدد من الأعمال القذرة كما حصل في العراق وأفغانستان.