ناهد باشطح
فاصلة:
((الانتقام للإهانات يكلف أكثر من تحمّلها))
- حكمة عالمية -
يحكى أن مزارعاً طلب من القاضي أن يرد إليه بقرته التي سرقها حرس الوالي، فما كان من القاضي الذي أحس بأنه لن يقدر على حرس الوالي، إلاّ أن أخذ يسب ويشتم الحرس. حينها همّ الرجل بالخروج، فسأله القاضي إلى أين تذهب؟ فأجابه الرجل: أنا جئتك كي تأخذ لي حقي، أما إذا كان الشتم كل ما تقدر عليه فسأذهب إلى أحد «الزعران» في حيّنا فهم يسبّون أفضل منك بكثير.
هذه القصة توضح أنّ الشتائم هي حيلة العاجز في استرداد الحق أو الحوار، إذا اعتبر نفسه محقاً وعليه الانتصار.
في كلا الحالتين فإنّ استعمال الشتائم والسب كأداة لتحقيق هدف ما، هي تعبير عن انفعال بالغضب أو الإحباط.
فالشتيمة تعبير صريح عن مواريث الثقافة الشعبية والثقافة الشفهية عموماً.
الجديد أنّ هذه الثقافة انتقلت من دورات المياه والشوارع إلى حسابات المغرّدين في تويتر، الذي ما زال يكشف عن عورات البعض من أهل الإعلام أو الفن والدين، الذين من المفترض فيهم الالتزام بحسن القول، كونهم دعاة إلى حسن القول والفعل أسوة برسول الخلق عليه أفضل السلام.
أما أهل الإعلام والفن فكوني إعلامية، فقد كانت الصدمة كبيرة في رموز ظلت تطل علينا من منابر إعلامية، تدعو إلى القيم السويّة لمجتمع أفضل، بينما في تويتر وعلى الملأ نقرأ الشتائم في حساباتها.
والسؤال كيف لم تستطع مثل هذه الشخصيات العامة ضبط سلوكها على الأقل حفاظاً على صورتها الذهنية في المجتمع؟
في رأيي إنّ للأفكار والقناعات هنا دوراً كبيراً، ذلك أنّ الشخصية العامة أجازت لنفسها التعبير غير اللائق بدعوى الدفاع عن نفسها، أو الانتقاص من الآخر الذي حكمت عليه بأنه يستحق الإهانة.
في كل الأحوال فإن مثل هذه الشخصيات تكشف عن تناقض خطير في شخصيتها، بالإضافة إلى خلل في قناعاتها تجاه القيم الصحيحة والإيجابية.
الحسنة الوحيدة في المشهد أننا كمتلقين أهدى لنا تويتر هدية قيِّمة حين كشف الأقنعة المزيّفة.