د. عبدالرحمن محمد السلطان
السرعة التي أقرَّ بها مجلس الوزراء الموقّر نظام رسوم الأراضي البيضاء أمس تظهر اهتمام الدولة وحرصها الشديد على إنهاء سريع للمشكلة الإسكانية في المملكة، وخصوصاً أن المجلس لم يقر أي استثناءات في التطبيق وجاء شاملاً لكل الأراضي السكنية والتجارية ضمن النطاق العمراني للمدن، وترك للائحة التنفيذية للنظام التي ستوضع لاحقاً وضع البرنامج الزمني لتطبيق الرسم بشكل تدريجي والضوابط اللازمة لضمان تطبيق الرسم بعدالة ومنع التهرب من دفعه.
وجدولة تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء لا تؤثِّر مطلقاً على كفاءة وفاعلية النظام على خلاف ما سيكون عليه الحال لو كان هناك استثناءات من التطبيق، حيث إن الاستثناءات تؤدي إلى إفقاد النظام لجدواه تماماً، بل حتى تتسبب في مفاقمة مشكلة غلاء واحتكار الأراضي بدلاً من حلّها. وهذه الجدولة لن تكون عائقاً أمام نجاح نظام رسوم الأراضي في تشجيع تطوير الأراضي وفي الضغط على أسعار الأراضي طالما لم يجدول التطبيق على مدى زمني طويل، حيث يفضّل أن تحدد اللائحة التنفيذية للنظام تواريخ معينة للمراحل المتتابعة من تطبيق الرسوم وألا يتجاوز الجدول الزمني للتطبيق الشامل والتام لنظام رسوم الأراضي ثلاث سنوات.
إلا أن نجاح هذه الجدولة مرتبط بشكل كامل ببدء التطبيق على الأراضي غير المطورة أولاً ثم لاحقاً على الأراضي المطورة، ما يضمن ضغطاً سريعاً على مالكي الأراضي غير المطورة داخل النطاق العمراني للمدن لتخطيطها وسرعة بيعها أو تطويرها تفادياً لدفع رسوم عليها، وهو ما سيزيد من عرض الأراضي وبالتالي الضغط على أسعار الأراضي المطورة والأراضي الأقل مساحة حتى قبل بدء تحصيل رسوم عليها.
أما تطبيق معكوس، أي البدء في التطبيق على الأراضي المطورة أولاً ثم لاحقاً على الأراضي غير المطورة، فسوف يحقق نتيجة مختلفة تماماً، حيث سيتسبب في حجب الأراضي وعدم تطويرها كون ذلك أفضل وسيلة متاحة لملاَّك تلك الأراضي لتفادي دفع رسوم عليها، ما يضعف التأثير الإيجابي لنظام الرسوم على عمليات التطوير وعلى أسعار الأراضي وبالتالي حل المشكلة الإسكانية، كما أنه قد يعطي تصوراً غير إيجابي عن نظام الرسوم، حيث سيبدو كما لو أنه يحابي أصحاب الأراضي الكبيرة، الذين تسبب حجبهم لتلك الأراضي في تفاقم مشكلة غلاء الأراضي وزيادة حدة المشكلة الإسكانية في المملكة.
ولتسريع عملية تدفق الأراضي غير المطورة إلى السوق فإن من الأفضل إعفاء ملاك الأراضي غير المطورة من مهمة استكمال البنية التحية لتلك الأراضي قبل بيعها كما هو حالياً، في ظل قرار مجلس الوزراء بالاستفادة من الرسوم المحصّلة لإيصال الخدمات، بحيث يخصص جزء من رسوم الأراضي في كل مدينة لدعم ميزانيات الجهات المسئولة عن استكمال تلك الخدمات، مثل البلدية وشركة المياه وشركة الكهرباء ومصلحة الصرف الصحي. كما يجب على البلديات أن تولي أهمية قصوى لسرعة إجازة مخططات الأراضي غير المطورة لكي لا تعطي مالكيها مبرراً للاعتراض على الرسوم بحجة إعاقة البلديات لعملية التطوير والذي أيضاً سيساعد كثيراً على سرعة تدفق تلك الأراضي إلى السوق، ما يضمن حدوث انخفاض سريع في أسعار الأراضي كونه الخطوة الأولى والأساسية لحل المشكلة الإسكانية في المملكة.