د. عبدالرحمن محمد السلطان
تصريح مسئولي وزارة الإسكان بأن الرسم الذي سيفرض بموجب نظام رسوم الأراضي الذي تجري دراسته حاليا في مجلس الشورى سيكون مبلغ ثابت لكل متر مربع، على سبيل المثال 100 ريال لكل متر مربع، يظهر عدم إدراك الوزارة للتأثير الهائل على الأسعار لأي تطبيق سليم وحقيقي لنظام رسوم الأراضي، فمن المؤكد أنه سينتج عنه انخفاض حاد في أسعار الأراضي، والذي سيترتب عليه بالتالي ارتفاع غير مبرر ولا منطقي في عبء هذه الرسوم على مالكيها في حال تحديد الرسم بملغ ثابت لكل متر مربع كما تقترحه الوزارة.
فلو افترضنا مثلا رسماً ثابتاً قدره 100 ريال على المتر المربع لأرض يبلغ سعر مترها حاليا 5,000 ريال فإن هذا الرسم سيكون 2% سنويا، إلا أن تطبيق سليم لنظام رسوم الأراضي لا يستثني أرضاً غير مستغلة داخل النطاق العمراني للمدينة سيعني تراجع قوي وسريع نسبيا في أسعار الأراضي بحيث لن يكون مستبعداً أن يكون سعر هذه الأرض بعد سنوات قليلة قد تراجع إلى 1,000 ريال للمتر المربع. في ظل هذا التراجع فإن رسماً قدره 100 ريال للمتر المربع سيصبح 10% من القيمة السوقية لهذه الأرض بعد أن كان 2% فقط، ولا يخفى على أحد أن قيمة الرسم في هذه الحالة ستكون مبالغ فيها جدا وغير منطقية على الإطلاق.
لذا فرسوم الأراضي يجب أن تكون نسبة من القيمة السوقية للمتر المربع وليس مبلغاً ثابتا، كأن تحدد بنسبة 2.5% مثلاً من القيمة السوقية للمتر المربع، ما يسمح بتراجع قيمة الرسوم المحصلة مع تراجع أسعار الأراضي، فلا يتضخم عبء هذه الرسوم على مالكيها مع مرور الوقت بصورة غير معقولة ولا مبررة.
ولكي نضمن استكمال البناء في المناطق القريبة من مراكز النمو في المدن أولا، فإنه يجب أن تكون نسبة الرسوم المفروضة تتناقص كلما بعدنا عن مركز المدينة الحيوي. فلو اعتبرنا على سبيل المثال حي العليا المركز الحيوي لمدينة الرياض، تكون الرسوم 2.5 % من القيمة السوقية للمتر المربع في دائرة قطرها 10 كيلو حول هذا المركز مثلا، ثم تتراجع نسبة الرسوم تدريجيا مع توسع هذا القطر بحيث تتلاشى تماما على أطراف النطاق العمراني للمدينة. فهذا التدرج في نسبة الرسوم يجعل الحافز على تطوير الأراضي غير المستغلة أكبر كلما قربنا من المركز الحيوي للمدينة، فتختفي الأراضي غير المستغلة داخل المدن الذي تسبب وجودها في هذا النمو الأفقي المبالغ فيه وغير المنطقي للمدن في المملكة.
هذه المرونة الضرورية جدا في رسوم الأراضي تجعل هناك حاجة لتشكيل لجنة للتثمين العقاري تقدر متوسطات أسعار الأراضي في الأحياء المختلفة في كل مدينة بشكل مستمر وتعلن تقديراتها بشفافية تامة وتستخدم هذه المتوسطات في حساب القيمة السوقية التقديرية للمتر المربع التي يتم بناء عليها تحصيل الرسوم المستحقة على كل أرض سنويا، وهو ما يوفر عدالة وواقعية وكفاءة في هذه الرسوم ستكون غائبة تماما في حال كون الرسم مبلغاً ثابتا.