د. عبدالرحمن محمد السلطان
أعلنت وزارة العمل مؤخراً أنها خلال أربع سنوات فقط نجحت في رفع عدد العمالة المواطنة في القطاع الخاص من نحو 780 ألفاً إلى 1.62 مليون مواطن ومواطنة، أي أن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص زاد بأكثر من الضعف خلال أربع سنوات فقط. إلا أن الإنجاز الأكبر الذي ذكرت وزارة العمل أنها حققته كان نجاحها الهائل في مجال توظيف المرأة السعودية؛ إذ أعلنت الوزارة أن عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص ارتفع خلال هذه السنوات الأربع من نحو 70 ألف عاملة فقط إلى 468 ألف عاملة، أي بارتفاع بلغت نسبته 470 %.
وإن كان أي من ذلك صحيحاً فإن وزارة عملنا مؤهلة بكل استحقاق لجائزة أفضل وزارة عمل على مستوى العالم؛ إذ لا يوجد أي وزارة عمل في العالم حققت أي شيء حتى يقرب من مثل هذا الإنجاز الهائل المبهر.
إلا أن المشكلة أن كل ذلك غير حقيقي، ولا يمت للواقع بصلة - من وجهة نظري -؛ فمعظم ما تتحدث عنه وزارة العمل من أنه زيادة في عدد السعوديين والسعوديات في القطاع الخاص هو مجرد زيادة في عدد المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية ضمن تحايل منشآت القطاع الخاص على برنامج نطاقات، برفع نسبة سعودتها وهمياً من خلال تسجيل ربات البيوت والطلبة والطالبات وغيرهم ممن هم خارج قوة العمل في نظام التأمينات لإظهار تحقيقها نسبة سعودة، تؤهلها لمزيد من الاستقدام وفق برنامج نطاقات.
ما لا أفهمه ولا أستوعبه هو لماذا هذا التباهي بمثل هذه الإنجازات غير الحقيقية وغير الواقعية، التي من الواضح أنها لم تقنع أحداً، وإلا لما وجدت القناعة بالحاجة إلى إنشاء هيئات جديدة، هدفها تحسين فرص العمل للعمالة المواطنة في القطاع الخاص؟ وما لا أفهمه أيضاً كيف لوزارة العمل - وهي الجهة الحكومية التي يفترض أنها التي تعاقب وتحاسب من يتلاعب بأنظمة العمل في المملكة - ليس فقط أن تغض الطرف عن ذلك بل حتى تعده إنجازاً تفاخر به؟
ولا يحتاج أحد لكي يتأكد من وهمية ما تحقق أكثر من أن ينظر إلى معدلات البطالة التي بقيت محافظة على معدلاتها بل حتى ارتفعت خلال هذه السنوات الأربع رغم الادعاء بتوظيف نحو 900 ألف مواطن ومواطنة في القطاع الخاص، وإلى النمو الهائل في عدد العمالة الأجنبية في ظل تسهيل برنامج نطاقات للاستقدام، رغم أنه يفترض أن الحاجة للاستقدام قد قلّت إن كان حدث كل هذا النمو في عدد العمالة السعودية في القطاع الخاص.
لذا فإن وزارة العمل في أمسّ الحاجة، وقبل فوات الأوان، إلى مواجهة شفافة مع حقيقة فشل برامج التوظيف التي تبنتها في تحقيق أي إنجاز حقيقي، والاعتراف بأن معظم ما حققته على أرض الواقع هو تسهيل تحايل منشآت القطاع الخاص على قوانين العمل، وزيادة اعتماد القطاع الخاص على العمالة الأجنبية؛ كي تخرج من دوامة الإنجازات الوهمية، وتبدأ فعلاً في تبني برامج توظيف حقيقية، تزيد من اعتماد القطاع الخاص على العمالة المواطنة، وفي نسبة مشاركتها في سوق العمل.