عبد الرحمن بن محمد السدحان
الفساد بأطيافه ومثالبه، ووسائله وغاياته، داء خطير، أوّله وأوسطه وآخره فساد وإثم عظيم، وفي ظله.. تموت الذمم، وتُبلى السرائر، وتُنتهك الفضائلُ، وهو قبل كل شيء وبعد كل شيء، داء هذا العصر المستطير، ما ولج نفساً إلاّ أشقاها، وما رُزيَ به قلبٌ إلاّ فرّغه من خشية الله، فتستوي عنده الفضيلة والرَّذيلة، والحق والباطل، والصدق الصادق وشهادة الزور!
***
- والأدنى من ذلك والأردأُ، أنه آفة تتقاسم إثمهَا الأممُ، غنيُّها وفقيرُها، بعيدُها وقريبُها، قديمُها وحديثُها، وهو (ظاهرة) خطيرة بامتياز تتسلّل إلى ذمم الشعوب والأفراد حتى تأتي عليها دماراً!
***
- سئلتُ مرةً عمَّا إذا كان لحراك الإعلام الرسمي منه وغير الرسمي، دور في مواجهة هذا الداء العضال فعلاً وفاعلين وآثاراً، فقلت: إن للإعلام مسموعاً ومقروءاً، دوراً لا ينكر في هذا السبيل، ليس فحسب من خلال (المقامات) الوعظية التي تئنُّ بها أعمدة الصحف وصفحات الكتب، تحذيراً من الفساد وتنبيهاً إليه، ولكن من خلال الكشف المؤثَّر عن (المستور) منه حيثما وجد، سواء في الجهاز الإداري العام أو الخاص، على أن يسبق ذلك تحرّ مسبق عنه دقيقٌ وأمين، فِعْلاً وفاعلين، والتعرّف على خلاياه وأسراره، كيلا تختلط الحقيقة بالخرافة، فيفسدَ الأمر كله! والإعلام وسيلة صالحة لوليّ الأمر، يُكشفُ من خلالها أعراض الخلل في الجهاز الإداري، والنتائج المترتبة على ذلك.
***
واحسب أن ذلك ممكن بوجود شرطين:
أولهما:
توفُّر الشفافية في الطرح والنزاهة في القصد والحرية في التعبير لدى الكاتب فلا يكون (تدبيرُه) تدميراً له.
***
ثانيهما:
أن تكون الوسيلة الإعلامية مؤهلة فنياً وخلقياً وإجرائياً، لخوض غمار المواجهة مع الفساد، وكشف منابعه ورموزه تشهيراً به وتجفيفاً!
***
ولنتذكر أول الأمر وآخره أن مكافحة خفافيش الذمم الفاسدة والعابثين بها، ليس فيها حل وسط، فإما (حرب) لا رحمة فيها، وإمّا فسادٌ وإفسادٌ يسرق اللقمة من فم الجائع، ويصادر حرية وأمن وأرزاق النفوس الراغبة في العيش الكريم في أمن وسلام.
هذا هو جزء من فن (الممكن) لمكافحة الفسَاد، أما المستحيلُ في هذا السبيل فهو ما تخفيه الصدور، وتستضيفه سراً نوايا الخبث والعدوان!
***
اللهم ادرأ عنا الفساد، ما ظهر منه وما بطن، وارزقنا القدرة والبصيرة والوسيلة للخلاص منه، وتحكيم العدل للقضاء عليه وقطع دابره، فلُولاً وأفراداً أينما كانوا!
***
وبعد..،
اللهم من أراد هذا البلد الآمن الأمين بضرّ أو فساد، عدواً كان من خارج حدوده أو فاسداً مفسداً من داخله، فاشغله اللهم بنفسه، وعجّل بكشف ضُره، وأجعل تدبيره نكالاً له وعقاباً!