د. فهد صالح عبدالله السلطان
قبل أن تقرأوا رسالة الفقير إلى ربه، دعوني أطرح عليكم بعض التساؤلات: كيف ترون المستقبل الاقتصادي في المدى القريب والبعيد؟ وما هي توقعاتكم لمستقبل شركاتكم؟ هل هناك من تصور عن التحديات المستقبلية؟ وأين تكمن الفرص؟ هل لديكم رؤية واستراتيجية لمواجهة تحديات المرحلة ورياح الزمن؟ أعتقد أن طرح مثل هذه الأسئلة بين أروقة شركاتكم أمر في غاية الأهمية في هذه المرحلة من الزمن.
بداية، لعلنا نستعرض بإيجاز بعض الحقائق والأرقام حول بيئة العمل العالمية، فهي مدخل مناسب لمعرفة ما يجري في المحيط الاقتصادي وميدان العمل العالمي. تشير الدلائل الإحصائية إلى أن الشركات العالمية نمت خلال الفترة من 1980-2013 بمعدل يزيد على سرعة نمو الناتج الإجمالي العالمي بـ 30% . وما يسترعي الانتباه هو أن الشركات العاملة في أمريكا الشمالية وأوربا تحصد حالياً أكثر من نصف أرباح التجارة العالمية (51% ). بينما تستحوذ الشركات الصينية على ما نسبته 14% واليابانية على 7% وأمريكا اللاتينية على 6% وأستراليا ونيوزيلاندا على 3% وكوريا الجنوبية على 2% والهند على 1%.
وقد بدأت الشركات في الدول الناشئة تأخذ مكانها في الساحة العالمية خلال العشر سنوات الماضية. ففي الوقت الذي لم تتعد نسبة الشركات القادمة من الدول الناشئة 5% في قائمة أنجع 500 شركة في العالم في العام 1990، ارتفعت نسبة مشاركة شركات الدول الناشئة في مجموعة الـ 500 شركة الأولى لتصل في العام 2013 إلى 26%. وفي تقديري أن ذلك يعود في الدرجة الأولى إلى تراجع احتكار التقنية من قبل الدول المتقدمة من جانب، وتطور مستوى التعليم والتدريب في بعض الدول الناشئة من جانب آخر ( كوريا الجنوبية وسينغابور والهند وماليزيا وتايلاند، أمثلة حية)، وتدني أجور العمالة في هذه الدول وأسباب أخرى.
ومن جانب آخر يواجه الاقتصاد العالمي والإقليمي تحديات كبيرة .. صراعات إقليمية وحروب عملات ومنافسات حادة في قطاع الأعمال وتراجع متوقع في الطلب، بسبب زيادة الإنتاج الذي يعود في الدرجة الأولى إلى تدني أسعار الطاقة ورخص الأيدي العاملة، وازدياد المعروض مقابل تراجع الطلب. وفضلاً عن ذلك فقد اتسعت الفجوة بين الشركات فيما يتعلق بجودة الأداء والرقعة السوقية وتحقيق الأرباح.
معرفة ذلك شيء مهم، ولكن الأهم هو معرفة العوامل التي ساعدت بعض الشركات في التميز والتقدم على نظيراتها وتحقيق نجاحات نوعية وتحقيق أرباح عالية. تشير الدراسات المسحية حول نتائج أداء الشركات العالمية للعام 2013، إلى أن الشركات التي حققت أهدافها على مستوى أوطانها وعلى المستوى العالمي تميزت بعدة خصائص ساعدتها على مواجهة تحديات العصر وتحقيق نجاحات نوعية.
سيتم استعراض تلك الخصائص وغيرها في الخميس القادم إن شاء الله.