جاسر عبدالعزيز الجاسر
لا يمكن أن نضع كل اللوم على الدول الأوروبية التي بدأت تغيِّر في قوانينها، لوضع ضوابط كثيرة للحدِّ من تدفُّق المهاجرين المسلمين والعرب بوجه الخصوص، من لاجئين أو طالبي اللجوء السياسي، أو حتى الذين يقصدون أوروبا لتحسين أوضاعهم الاقتصادية، لأنّ الدول الأوروبية قد استهدفتها الجماعات الإرهابية، والتي جميعها تدّعي الانتماء للمسلمين، رغم كل ما ارتكبته من جرائم إرهابية ضد الدول والمجتمعات الإسلامية، ما ولّدته من إساءات للمسلمين، وتحميلهم وزر هذه الأعمال الإرهابية التي تخدم أجندات ومخططات أعداء الإسلام، الذين نجحوا في تجنيد وتوظيف مسلمين لتنفيذ عمليات إجرامية، ليس فقط موجَّهة لتدمير المجتمعات الإسلامية، كما حصل ويحصل في العراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا والبحرين، إلا أنها أيضاً شوّهت صورة المسلمين في أوروبا وفي مناطق عديدة من العالم.
إذن من حقِّ حكومات الدول الأوروبية، أن تحصِّن بلدانها وتحمي مواطنيها من إجرام الجماعات الإرهابية، وهو حقٌّ مشروع لهذه الحكومات، وعمل يتناسب مع مسؤوليات هذه الحكومات التي من واجبها حماية شعوبها، ولهذا وعلى الذين يلومون هذه الحكومات أن يوجِّهوا اللوم إلى دولنا ومجتمعاتنا، التي كان عليها أن تقضي على هذه الجماعات الإرهابية قبل استفحالها، فضلاً عن تورُّط بعض الحكومات والأنظمة في رعاية هذه الجماعات ودعمها بالمال والسلاح، بل والعمل معها من خلال أجهزتها الاستخباراتية.
ولمواجهة هذا التخريب المتعمّد والاختراق الواضح لمجتمعاتنا الإسلامية والعربية بالذات، يتطلّب الأمر وقفة شجاعة وصادقة وصريحة ضد هذه الجماعات الإرهابية ومن يدعمها ويقف وراءها، بل أيضاً تمتد المسؤولية عن دور هذه الأنظمة في إنشائها المنظمات الإرهابية، وتشاركها في ذلك الأنظمة المتعاونة معها، كنظام بشار الأسد في سوريا وحكومة المنطقة الخضراء في العراق، إضافة إلى الأحزاب المذهبية والطائفية من كلا المكوّنين المذهبين الكبيرين أهل السنّة والإثني عشرية، فبالإضافة إلى تنظيمات داعش والقاعدة وجبهة النصرة خلفها من الأنظمة التي ثبت انخراطها في إنشاء ودعم الجماعات الإرهابية وهي أنظمة معروفة ومشخّصة، وكان لها دور ولا يزال في نشر وتعميم الإرهاب في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ومع أنّ هذه الأنظمة يرتفع صراخها عند حصول أية عملية إرهابية، مثلما يحصل الآن بعد الهجمات الإرهابية في فرنسا، كما يفعل نظام ملالي إيران استباقاً للتحقيقات للتغطية عن دوره وإبعاده الشبهات عنه، إلا أنّ المسؤولية لا تقف عند المشاركة في هذه الأعمال، فهناك المكوّنات الحزبية التي كانت الحاضن الأساسي والأول لهذه الجماعات الإرهابية، كحركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرها من الأحزاب التي فرقت الأمة، ويوازيهم في هذه الأعمال التخريبية الأحزاب الطائفية الشيعية، كأحزاب الدعوة والمجلس الشيعي الأعلى ومنظمة البدر في العراق، وحزب حسن نصر الله الذي يسمِّي نفسه زوراً بحزب الله.
كل هذه الأنظمة والأحزاب الطائفية من كلا المذهبين، يجب أن تواجه بحزم وصرامة من كل الدول الإسلامية، فأذاهم وتخريبهم خرج خارج الوطن الإسلامي إلى باقي المناطق في العالم، وقبل أن يمتد هذا التخريب والعبث من أوروبا إلى باقي أنحاء العالم، علينا أن نتحرك بسرعة للجم الإرهابيين في العالم الإسلامي.