غسان محمد علوان
عند كل بناء، وعندما تشيد أي صرح، يجب أن تتأكد من تمام بناء الأساسات قبل أن تبدأ بمحاولة الارتقاء لما هو أعلى. لن تستطيع معانقة الغمام وأنت ترمم ما بنيته طوال الوقت، فالوقت لا يسعك لتقديم خطوة لاحقة على خطوة سابقة. لذلك ستظل مكانك تحلم بالنجوم ولا تطالها.
ما سبق ينطبق تماماً على الهلال وهو يحاول الارتقاء موسماً تلو الآخر لكنه يجد نفسه مثقلاً بأحمال لا تريحه من عناء حملها، ولا تعينه على مشاق الطريق. في كل موسم تحضر إدارات الهلال محترفين على مستوى عالٍ، وتصرف الكثير للتعاقد مع الأجهزة الفنية، ثم تصطدم بوهن الأساسات في تشكيلتها المحلية. الهلال يرزح تحت وطأة عدد ليس بالبسيط من اللاعبين غير المبالين، وعدد آخر من اللاعبين الذين لا يستحقون فنياً أو ذهنياً أن يتواجدوا في تشكيلة فريق يطمح لما يلامس حدود الخيال. فللارتقاء شروط، وللإنجاز عوامل لا تتأتى دونها.
لترتقي، يجب أن يضم الفريق الكبير لاعبون كبار، ولا مكان لمن هم دون ذلك.
لترتقي، يجب أن تقاتل في كل لقاء وفي كل دقيقة منه وكأنه اللقاء الأخير لك.
لترتقي، يجب أن تكون الواقعية حاضرة دوماً، وأن يكون الفريق ومصلحته هما الأهم بعيداً عن شعارات تضر الفريق ولا تعاقب المخطئ.
لترتقي، يجب أن تستغل كل إمكانياتك، فنياً وإدارياً وإعلامياً وجماهيرياً.
أعي تماماً أن الحكم على الإدارة الحالية الآن هو عبث محض، فهي مثقلة بتركة من الأخطاء والعابثين وتحتاج وقتاً طويلاً للتخلص منها. ولكن لقرب فترة الانتقالات الشتوية، وكثرة القرارات التي يجب أن تتخذ، وجب علينا التنبيه مبكراً للاستفادة مما تبقى من وقت. أول ما يجب أن تقوم به حالياً إدارة الهلال هو الجلوس مع دونيس لتفكيك بعض العقد التي خنقت الفريق. فدونيس الذي أتى في وقت سيء بكل المقاييس، وحقق مع الفريق بطولتين متتاليتين وبخيارات محدودة، أدهش الجميع بالنقلة الفنية والنفسية التي ظهرت على الفريق. وبعد استقرار الأمور (نوعاً ما)، بدأت تدخل القناعات الشخصية في العمل مما أضر بالفريق أمام أهلي الإمارات واتحاد جدة. يجب التفريق بين معاقبة لاعب ومعاقبة فريق. يجب أن تعود الشجاعة الفنية التي كان يظهرها في بداية استلامه للفريق. يجب أن يعامل كل لقاء بما يليق به، لا بما يحلم به.
ختاماً، لازلت واثقاً بأن الهلال مقبل على فترة تعج بالفرح والانتصارات، بشرط توفيق الله أولاً ثم بتغيير بعض القناعات الشخصية التي قدمت الانضباط العملي على الانضباط الفني. فلا إفراط ولا تفريط. فكل القيمة المضافة من أجانب على مستوى عالٍ واستقطابات مختلفة، لن تقوم لها قائمة دون ترسانة ثقيلة في الملعب من اللاعبين المحترفين ذهنياً والمحترقين داخل الملعب فنياً لإظهار كبير القوم بما هو أهل له.
خاتمة:
وإذا كانت النفوس كباراً - تعبت في مرادها الأجسام
(المتنبي)