سعد الدوسري
من أهم سمات البيروقراطية، اعتمادها على القرارات والتعميمات. لا يمكن أن يكتمل يوم البيروقراطي، بدون إصدار قرار أو تعميم. إنهما حياته التي لا وجود له بغيابهما، إذ أنه عبرهما، يسجل للآخرين قدرته على السيطرة عليهم. ولو عدنا إلى تاريخ البيروقراطيين في تاريخنا الإداري الحكومي، لوجدنا أن معظم القرارات والتعاميم التي صدرتْ هي عبارة عن تدخل في حياة أو عمل الآخرين بدون رؤية، ولاكتشفنا أنها لم تفرز تطوراً نوعياً في آليات العمل أو في طبيعة الخدمات الموجّهة للمراجعين أو للمستفيدين، أو حتى للموظفين أنفسهم.
إن معظم التغييرات التي حدثت في العالم، على المستوى العلمي والتقني والسياسي والعسكري، لم تأت عبر قرار أو تعميم، بل ربما عبر اجتماع صباحي، بين مجموعة من التنفيذيين ورؤساء القطاعات، وفيه انطلقت الفكرة، وتمت مناقشتها من خلال عصف ذهني مكثف، ثم حددت آلية البدء في تطبيقها. وفي المقابل، تعالوا لنتابع كيف تصدر قراراتنا وتعميماتنا، وكم من الخسائر التي نخسرها في تطبيقها إلى أن نكتشف أنها لا تلائم واقعنا، وكيف ينتهي بها الأمر في أدراج الأرشيف مع الجرذان؟!
ربما لو تكون هناك رقابة ما، من قبل هيئة وطنية موحدة ما، على القرارات والتعميمات الجديدة، بحيث لا يصدر أي منهما إلا بعد مراجعة ثم اعتماد الهيئة، فسوف نوفر على أنفسنا كل هذه الأموال التي تُهدر في بعد صدورها، لمجرد أن يشخص بها حضرة الوزير!