فضل بن سعد البوعينين
من التحديات الكبرى التي تواجهها مجموعة العشرين؛ رفع النمو الاقتصادي للدول الأعضاء بنسبة 2 في المائة بحلول العام 2018؛ وهو هدف قد يشكل ضغطاً على بعض دول المجموعة؛ التي تعاني أصلاً من تباطؤ في أداء اقتصادياتها. هناك شكوك حول الصين ودقة بياناتها الاقتصادية؛ وإمكانية تحقيقها هدف النمو مستقبلاً. تركيز قمة أنطاليا على النمو الاقتصادي لا يعني تجاهلها الشأن المالي الذي ما زال يهدّد بعض كياناتها الاقتصادية الكبرى. بنوك الظل؛ من القضايا المالية الرئيسة التي تسعى مجموعة العشرين إلى وضع خارطة طريق للسيطرة عليها؛ وتحييد مخاطرها على الاقتصاد. ربما تكون الصين إحدى الدول التي تعاني من وجود مؤسسات مالية غير خاضعة لإشراف البنك المركزي؛ ومنخرطة بشكل مؤثّر في تقديم القروض للمتمولين. عدم التزام «بنوك الظل» بمعايير البنوك المركزية والأنظمة العالمية؛ وتوسعها في الإقراض عالي المخاطر؛ دون أن تكون لديها القدرة على السحب من البنك المركزي وقت الحاجة؛ قد يتسبب بمخاطر كبرى للأنظمة المالية حال تعثرها. أجزم أن ضبط مؤسسات الظل المالية أو تحديد حجمها من التحديات الكبرى التي تواجه دول مجموعة العشرين؛ وبخاصة الصين وأميركا. وإذا ما أضفنا إلى ذلك تحدي حماية البنوك الضخمة التي يتسبب سقوطها في تعثر مجموعة من البنوك الأخرى المرتبطة بها؛ وبالتالي النظام المالي؛ يصبح أمر ضبط ومعالجة قطاعات المال العالمية أكثر صعوبة مما يُعتقد؛ ما قد يؤثّر سلباً في تحقيق هدف النمو.
أصبح الإرهاب الدولي أحد معوقات النمو العالمي لما له من أثر مباشر على التنمية؛ قطاعات الإنتاج؛ ومدخلاتها الرئيسة وفي مقدمه النفط. تمدد جماعات الإرهاب وقدرتها على ضرب أهدافها واختراق الأنظمة الأمنية المشددة في الدول المتقدمة يعني إمكانية تأثيرها السلبي على الاقتصاد الذي يعتمد على قاعدة الأمن والاستقرار.
أشرت إلى إمكانية هيمنة الملفات السياسية على مجريات قمة العشرين المنعقدة في أنطاليا. يبدو أن عمليات باريس الإرهابية ستجعل من ملف القضية السورية؛ ومكافحة الإرهاب الأكثر أهمية لدى قادة دول العشرين. ألقت عملية باريس بظلالها على أجواء القمة؛ وتسببت في غياب الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» الذي اتهم تنظيم «داعش» بشن الهجمات الإرهابية المنسقة التي تسببت بسقوط ما يقرب من 127 قتيلاً وعشرات الجرحى. ملف مكافحة الإرهاب كان أحد الملفات المهمة المطروحة في القمة. موقع CNN الإخباري أورد معلومات إستخبارية تشير إلى أن «المملكة حذَّرت عدة دول أوروبية، من احتمال وقوع هجمات إرهابية على أراضيها»؛ وكان آخر التحذيرات قبل 10 أيام تقريباً.
المملكة حذَّرت دول الغرب في أكثر من مناسبة من مغبة التهاون في مكافحة جماعات الإرهاب التي تدعمها إيران ونظام الأسد في سوريا ولبنان واليمن. نائب وزير النظام العام اليوناني، «نيكوس توسكاس»، أشار إلى «أن جواز السفر السوري الذي وجد بالقرب من جثة أحد المهاجمين في سلسلة هجمات باريس، ينتمي إلى لاجئ راجعت السلطات اليونانية وثائقه عند مروره من خلال جزيرة « ليروس». نظام الأسد توعَّد في أكثر من مناسبة باستهداف دول أوربا كرد على ضرباتها الجوية.
الإرهاب عدو البشرية والتنمية؛ ومن أسباب انهيار بعض دول واقتصاديات المنطقة؛ وما لم تتظافر الجهود للقضاء عليه؛ فإن مجرد التفكير في تحقيق نمو اقتصادي عالمي؛ عوضاً عن المحافظة على الأداء الحالي؛ يصبح ضرباً من الخيال.