إبراهيم عبدالله العمار
وجدت الدراسات شيئًا غريبًا.
وَجَدَت أن هناك درجة من الثراء إذا وصل لها الشخص فإنها آخر مرحلة يستمتع فيها بماله.. لا يوجد أي متعة شعورية بعد هذه المرحلة!
إليكم تلك الدرجة: 75 ألف دولار أمريكي في السنة. إذا وصل دخل الشخص السنوي إلى هذا المقدار، وهو ما يعادل 281 ألف ريال سعودي في السنة أو قرابة 23 ألف ريال في الشهر، فإن كل الأشياء التي يمكن أن يشتريها لك المال لن تزيد متعتك. لقد وصلتَ إلى أقصى حد. وهذا ينطبق خاصة على المناطق ذات التكلفية المعيشية العالية، أما الأماكن الأرخص فإن الرقم ينخفض ويكفيك من المال أقل.
إذا كان راتبك الشهري 5 آلاف ريال وزاد إلى 10 آلاف فإن هذه الزيادة يمكن أن تجلب لك متعًا جديدة لم تقدر عليها من قبل، كقدرتك على التقسيط على سيارة جديدة مثلاً. إذا زاد هذا إلى 23 ألف ريال في الشهر فإنك ستجد المزيد من المتع التي يأتي بها المال، كقدرتك على السفر لأماكن جديدة جميلة مثلاً أو شراء سلع كنت ترغب بها. لكن لو زاد دخلك من 23 ألفًا إلى 50 ألفًا أو 100 ألف أو حتى 500 ألف في الشهر، فإن الزيادة في المتعة الشعورية لها رقم قاسه العلماء: صفر. نعم، صفر! لا يوجد أي زيادة في المتعة الشعورية حتى لو تضاعف الدخل أضعافًا مضاعفة. يمكن أن تشتري سيارات فاخرة وتسكن في القصور.. يمكنكِ أن تسافري لأرقى المدن وتسبحي في الذهب والجواهر، لكن الزيادة الحقيقية في المتعة معدومة، لا تزيد أبدًا عمّا كنت تشعر لما كان الدخل أقل بكثير.
إنه أمر محير. بديهيًا نفترض أنه كل ما زاد المال زادت الأشياء التي في متناول اليد ومن ثم الإحساس بالمتعة، لكن الواقع المدروس يثبت بطلان هذا.
لماذا؟ ظهرت فرضيات تحاول التفسير، من أبرزها أن الشخص كلما زاد ماله قلّت قدرته على تقدير المتع الصغيرة. شخص لا يرضى إلا أن يسكن في فنادق أوروبا وينام على أغلى الأسرة ويقود أحسن السيارات، هل سيستمتع برحلة للبر يشرب فيها القهوة وينام في خيمة؟ هذه التجربة يعشقها البعض ولا يجد متعته إلا فيها! من كانت فكرته عن الأكل اللذيذ هو قطعة ستيك كوبي يابانية يرافقها طبق «فوا غرا» الفرنسي (كبد البط) مع كافيار بيلوغا الثمينة وقطع من كمأ ألبا الأبيض الإيطالي باهظ السعر وينهي وجبته بشوكولا أميديه بورسيلانا الفاخرة، لتنتهي الوجبة بما يقارب 60 ألف ريال! من لا يُقدّر إلا هذا المستوى من الغلاء في الأكل فستقل متعته في الحياة جدًا.. شخص يأكل شطيرة جبن بسيطة مع قدح شاي في مقهى متواضع قد يجد فيها من اللذة أضعاف ما يجده ذاك الثري في أطباق فاحشة الثمن.
هل تتمنى أنك مليونير؟ الأفضل أن تكون «ألفينير»!