د.ثريا العريض
الأربعاء الماضي في قاعة اجتماع الرؤساء، في الجلسة الختامية لقمة الأسبا؛ الدول العربية والدول الأمريكية الجنوبية، التي انعقدت في قصر الملك عبد العزيز للمؤتمرات في الرياض، أصغيت باهتمام لكلمة خادم الحرمين ثم الرئيس الفنزويلي ثم البيان الختامي. بعد أن نوقشت في الجلسات الأسبق العامة والمغلقة، موضوعات تتعلق بتعزيز التعاون بين الدول العربية واللاتينية، إضافة إلى بحث قضايا إقليمية ودولية مثل الإرهاب والقضية الفلسطينية ورفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، وإنشاء قوة عسكرية عربية، وأوضاع سورية، وليبيا، واليمن، وتطورات المؤتمر التاسع لمراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي، والدورة العشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والمقدمة من جانب بيرو. والبحث عن آلية للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة، وذلك لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان. وقد جمعت القمة 34 من قادة الدول؛ 12 من أمريكا الجنوبية: فنزويلا والأرجنتين وبوليفيا والبرازيل وشيلي وكولومبيا والإكوادور وجويانا وباراغواي وبيرو وسورينام وأوروغواي، و22 دولة عربية: الجزائر والبحرين ومصر والإمارات والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وعمان وفلسطين وقطر والصومال والسودان وسورية وتونس واليمن وجيبوتي وجزر القمر، إضافة إلى مشاركة كل من جامعة الدول العربية واتحاد دول أمريكا الجنوبية.
ولعل بعضنا تساءل عن معنى هذا اللقاء أو الدافع له: هي قمة اقتصادية سياسية ثقافية تعقد كل ثلاثة أعوام، ويشارك فيها رؤساء الدول والحكومات. قمة الرياض هي المرة الرابعة، بعد الأولى في يرازيليا في 10 و11 مايو 2005، والثانية في الدوحة في 31 مارس 2009، والثالثة في ليما في 2 أكتوبر 2012. اقتصاديًا وجغرافيا وتاريخيًا هناك ما يربط الجانبين؛ الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية يتشابهان في الثروة النفطية ويتكاملان في احتياجات التصدير والاستيراد بينيًا.
ومن هنا ابتدأ التقارب مع الدول العربية لتشابه المصالح وتكونت منظمة الأوبك لحماية الدول المصدرة من محاولات السيطرة من الدول الصناعية المستوردة للطاقة.
والقمة تتيح تجمعًا دوليًا مهمًا لبحث سبل التعاون والتنسيق العربي- اللاتيني في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة وغيرها من القطاعات المتعلقة بالتنمية المستدامة والمساهمة في تحقيق السلام العالمي، ما يجعل قمة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية مهمة للتنسيق السياسي بين الدول العربية ودول القارة الأمريكية الجنوبية. وهناك حزمة من الأهداف المستقبلية الإقليمية والكونية تجمع الحاضرين. والأمل أن المنتدى سيظل على الدوام مساندًا لمواقف الدول النامية داخل المنظمات الدولية في قضايا مثل إصلاح الأمم المتحدة، واحترام القانون الدولي، ورفض تحركات الهيمنة، ودعم تبني منظمة التجارة العالمية جدول أعمال يركز على التنمية، وتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية، إضافة إلى المساهمة في تحقيق السلام الدولي عن طريق نزع السلاح.
استنادًا على جذور مشتركة وقيم موحدة رحب إعلان الرياض بحل سياسي في سوريا، وبنتائج مؤتمر فيينا الدولي لوزراء الخارجية، وأكَّد على الحاجة للتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2216، ومطالبة جميع الأحزاب الشرعية في اليمن باحترام القرارات المتبناة من قبل مؤتمر الحوار الوطني الشامل وفقًا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وحث على تشجيع المفاوضات الثنائية والاتفاقيات من أجل تشجيع التجارة وتدفق الاستثمار بما يخدم سياسات التنمية الوطنية والتوجيهات الإقليمية، كما أشاد باتفاقية التوأمة الموقعة بين كراكاس عاصمة فنزويلا البوليفارية والقدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين في مايو 2015.
وأكَّد على دعم مؤسسات الحكومة الشرعية الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في جهودها في المجال الأمني والعسكري لمواجهة التنظيمات الإرهابية، وإعادة التأكيد على الالتزام بوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الليبية، وأكَّد على أهمية علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران القائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها، وإدانة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية باعتبارها انتهاكًا لقواعد القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار وسيادة الدول مطالبًا إيران بالكف عن الاستفزاز الذي تقوض بناء الثقة ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبقي أن أشير إلى أنني شخصيًا أشكر سمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف على اهتمامه بحضورنا جلسات القمة. وفق الله القائمين على هذه الدولة لكل ما فيه الخير.