د.ثريا العريض
لعل من أهم مقاييس الرقي في أي بلد، ما هو تعامل السلطة مع ما يتعلق بالإعلام وحقوق المواطنين وتعامل الأعراف مع ما يتعلق بالثقافة وبالمرأة.
وحين يختلف أو يتفاوت موقف السلطة الرسمية من موقف الأعراف السائدة فالأمر يستحق التوقف للتأمل.
حسنًا فعلت وزارة الثقافة والإعلام بدعوة نخبة من رواد الفكر والثقافة والفن والأدب والإعلاميين للقاء في قصر اليمامة العامر للقاء مع خادم الحرمين الشريفين بحضور ولي العهد.
ما الذي استدعى هذا اللقاء؟
إن الأشهر التي مرت منذ تولى الملك سلمان سدة ومسؤولية الحكم حفلت بالكثير من التوضيح لتوجه المملكة المستقبلي لما يتعلق بعلاقاتها الثنائية بالخارج سياسيًا واقتصاديًا، كما استجدت فيها داخليًا الكثير من الأمور المتعلقة بالتعديل والتجديد في الهيكلة. وواضح فيها أهمية دور الإعلام في تثبيت المصداقية بين المواطن وأجهزة الدولة. وتعريف الداخل والخارج على المواقف الرسمية للدولة.
أما الملك سلمان فمعروف بكون مثقفًا متابعًا لكل القضايا على الساحة العالمية والإقليمية منذ شبابه الباكر وهو متحدث مفوه. ولكن الأهم من محتوى الكلام هو رسالة الأفعال. وحين يستقبل الملك، وهو أعلى سلطة في الدولة، في الديوان وبدعوة رسمية نخبة من المثقفين والمثقفات، والإعلاميين والإعلاميات ويحدثهم بحميمية عن دورهم في حماية أمن الوطن، ويعلن حرية الرأي والنقد وتقديم النصيحة على أن يكون ذلك بالأسلوب الصحيح فإن ذلك يعني احترامه وتقديره لقادة الرأي واهتمامه برقي التعامل في الساحة المهنية والتعبيرية بعيدًا عن الصخب المغرض أو الموجه للخارج.
سعدت بأن كنت شخصيًا ضمن النخبة التي تشرفت بتلقي دعوة للقاء خادم الحرمين الشريفين بالمثقفين والإعلاميين.
كان اللقاء منظمًا ومرتبًا بدرجة ملحوظة.. وكلمة خادم الحرمين مرتجلة بعفوية وتركيز ووضوح تحدث فيها عن الدور المحوري للمملكة في كونها تحتضن الحرمين وقبلة لكل المسلمين، وتمسكها بخدمة الحجاج وحمايتهم وأمنهم، والتزامها بالقرآن والسنة.
وأشار إلى ترابط المواطنين والمسؤولين وضرورة إبقاء التركيز على الأمن والاستقرار وتنمية الوطن. وأنهى الكلمة بتأكيد أن النقد البناء مرحب به وأن أبواب المسؤولين مفتوحة للتواصل في المجالس أو بالهاتف داعيًا المواطن والإعلامي إلى الاتصال مباشرة.
أما وزير الثقافة والإعلام فتكلم في كلمته الافتتاحية عن تعدد المؤسسات التي تعنى بالجانبين تحت مظلة الوزارة كالأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون، والإعلام المرئي والمسموع، وموضحًا أن المثقف ليس فقط من يكتب أو يؤلف أو يشارك إعلاميًا، بل دوره الأهم هو وضع علمه ومهاراته في خدمة الوطن ونشر الوعي واستدامة الرقي والأمن فيه.
سعدت بمصافحة الملك وسمو ولي العهد ومعالي وزير الثقافة والإعلام. وكانت فرصة مهمة لتبادل التحية مع نخبة الزملاء والرواد في مجالات الثقافة والإعلام والعطاء الأدبي والفني.
وبعد سماع كلمة الملك بكل شفافيتها، تمنيت أن أقول له ولولي العهد؛ إننا ندرك مسؤولية حماية أمن الوطن واستقراره، كما يتعشم منا كمثقفين ومسؤولين، وأن أهم ما يحتاجه الوطن الآن هو نظام مدروس لحماية الوحدة الوطنية، وقانون حاسم حازم يجرم تعبيرات وأفعال ترسخ الكراهية، ويحدد عقوباتها، ويطبقها لردع الاستفزاز والتحريض والتأجيج.
أدام الله الاستقرار والأمن والرخاء على الوطن ليبقى الوعي والثقافة والفن والأدب مزدهرة ومثمرة. والأهم من ذلك الوئام بين المواطنين والثقة المتبادلة بين ولي الأمر صانع القرار - حفظه الله- والمواطنين جميعًا.