فهد الحوشاني
(جزى الله الشدائد كل خير) هذا الشطر الأول من بيت شعر يحفظه الكثيرون ويرددونه لمواساة أنفسهم عندما يخذلهم من توقعوا وقوفه إلى جانبهم، وشطره الثاني يقول (عرفت بها صديقي من عدوي).
ورغم إن فكرة البيت جميلة ولطيفه وذات معنى واقعي؛ ففي الشدة تتضح معادن الرجال وأيضاً معادن النساء! وفي الشدائد والمصائب يواسيك ويقف معك الأصدقاء وتكتشف غير الأصدقاء وربما الأعداء!
يقارب هذا البيت الفصيح بيتاً من الشعر الشعبي يقول:
(من لايجينا والديار مخيفة
لامرحبا به والديار أمان)
ومعناه المباشر من لا يأتي إلينا في وقت حاجتنا له، فلسنا بحاجة زيارته إذا كنا لا نحتاج شيئاً!! وحسب المتعارف عليه لن يأتي والديار مخيفة أي وقت الحاجة إلا الصديق.. وهذا المعنى ليس ببعيد المعنى عن البيت السابق.
ويقول المثل الدارج بين الناس (الصديق عند الضيق)، ولكني وبعد عدد من التجارب والمواقف في هذه الحياة أقول: إن الصديق في وقت الضيق ولكنه أيضاً يظهر في وقت المناسبات السعيدة. إن الشدائد والمصائب ليست هي فقط من تعرّف الإنسان على صديقه الحقيقي وتميزه عن الصديق المدّعي أو المزيّف أو حتى العدو المستتر! لكن أيضاً المفرحات والمناسبات السعيدة والإنجازات التي تحققها تكتشف لك بدون أية ملابسات وبنسبة مائة بالمائة صديقك من غيره!
فالصديق يبادر إلى التهنئة والدعوة لك بمزيد من التوفيق لأن الخبر سرّه وأفرحه ووقع في قلبه موقع يتمناه لك، أما من كنت تحسبه صديقك وهو ليس كذلك، فستخرسه المفاجأة وهو من هول الصدمة خرس وألجم وربما فتك به الهم والغم، لأنه تفاجأ بأن أنجزت شيئاً وهو لم ينجز فتعطّلت عنده لغة الكلام! فهو يتمنى لك ما لا يتمناه لنفسه فإن حققت إنجازاً أو أصبت أمراً مفرحاً فهذا مما يؤلمه ويزعجه... لذلك فالساكتون عن التهنئة عند علمهم بما تحقق أو بما يحدث لك من مناسبات سعيدة وأفراح هم بلا شك ليسوا أصدقاء وهم من (ذوات) الأوجه المتعددة!! وهي كائنات لها القدرة على أن تواجهك بوجه وتخلع ذلك الوجه في غيابك! ولو كانوا أصدقاء لسارعوا بالتهنئة، فأكثر مما تفرح به ولا يفرحهم. وأنجز في حياتك فليس هناك أحلى ولا أجمل من الإنجازات التي سيفرح لها وبها الصديق المحب ويسكت عنها من أخرج نفسه من خانة الأصدقاء. وأعلم جيداً أن السكوت في هذا الموقف بالذات (عدم الرضا)!!