خالد الربيعان
جنون التسويق الرياضي لا يتوقف، شرط النجاح في الحياة بشكل عام وليس التسويق الرياضي خاصة، هو أن تتميز بجنون الأفكار، لقب المجنون، لو انتبهت ستجد أن هذا اللقب لاحق جميع رواد وقادة التغيير في العالم، آينشتين لقبوه بالمجنون، وكذلك ستيف جوبز مخترع آي فون، وبيل جيتس مؤسس ميكروسوفت، وأيضا زوكربرج مؤسس فيسبوك..
.. كلهم ينتمون لفريق المبتكرين المجانين الذي تحمّلوا العالم بنمطيته وتحملوا تهمة الجنون لأجل سيادة العالم فيما بعد.
ملك التسويق الرياضي في أمريكا هو «جون سبولسترا» وهو الأب الروحي له، وهو صاحب أشهر كتاب تسويق وإدارة رياضي يسمي «كيف تبيع المقعد الأخير في بيتك» أو How To Sell the Last Seat In The House، يحكي في أحد فصول كتابه قصة أشد لحظات الجنون في مسيرته التسويقية، قصة فريق «لاس فيجاس 51» أو فيما عرف عالمياً بالفريق الفضائي.
ضع نفسك مكانه، توليت مدير التسويق الرياضي لفريق متوسط في البيسبول، وعندما وصلت اكتشفت أنهم خدعوك، الفريق اسمه «لاس فيجاس ستارز»، وهو أحد الفرق الأبطال.. حاز المركز الأول كأكثر فريق ممل في دوري البيسبول الأمريكي.
يشتهر في المدينة بكاملها بالمدرجات الخالية، حيث لا يحضر أحد كي لا يصاب بانفلات الأعصاب وارتفاع الضغط من الأداء السيئ، لا يبيع الفريق تذاكر حضور ولا منتجات البيسبول الشهيرة للأندية كالقبعات والقمصان وعصي البيسبول الزرقاء بلون الفريق، كان «لاس فيجاس ستارز»: الممل رقم1.. بلا منازع.
وجد «جون» أن وظيفته على المحك وأنه مهدد، وقتها اتبع منهجا في التسويق الرياضي، أنا شخصياً أتبناه، وهو: «ما لا يُحَل بالعقل: يجب أن تحله بالجنون»!، في إحدى اللحظات النادرة اكتشف جون أن الطريق الوحيد هو تغيير اسم الفريق، وهي تساوي شراء فريق جديد بالكامل بالفعل، ولكن بماذا يسميه؟!
بعبقرية وقوة ملاحظة وجد أن المدينة بها المنطقة 51 الشهيرة، التي تقع فيها أشهر قاعدة عسكرية سرية لتجارب الأسلحة الغريبة والغامضة، وبها وقعت أشهر شائعة في أمريكا وصدقها الكثير وكذبها آخرون، حادثة سقوط الطبق الطائر، وتشريح الكائن الفضائي الذي كان فيه، حارب جون الجميع الذين اتهموه بالجنون ومنهم مالك النادي ديريك ستيفينز الذي قال «أنا أكبر المعارضين لهذا الاسم».
استعان «جون» برسام مجنون مثله ليرسم الشعار الجديد للنادي: رأس كائن فضائي يتخذ هيئة كرة بيسبول، وظهر على الجميع عام 2000 الفريق الجديد باسم: «فريق المنطقة 51»، ليصبح بعد شهرين فقط أشهر وأعجب نادٍ في أمريكا وأكثرها غموضاً! واستقطب الاسم جميع المراهقين هناك والشباب حتى غير المهتم بالبيسبول.
ما لا يُحَل بالعقل.. يجب أن تحله بالجنون
في كل مباراة لهم على ملعبهم يتزاحم ما لا يقل عن 2500 مشجع في طابور للحصول منتجات الفريق قبل كل مباراة! ويقول مالك الفريق: «نحن نفتح بوابات النادي قبل المباراة بساعة كاملة للتخفيف من الازدحام المروري بالخارج، وأيضاً ليقوم المشجعون بالذهاب إلى متجر الهدايا بالنادي ويشتروا منتجاته، إنها إستراتيجية رائعة لنا!».
تذكر معي مرة أخرى أحد أهم مبادئ التسويق: «ما لا يُحَل بالعقل.. يجب أن تحله بالجنون».