رقية الهويريني
يقول الشاعر زهير بن أبي سُلمى، بعد بلوغه الثمانين عاماً في عصر الجاهلية:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم
وبرغم حالة السأم التي ذكرها زهير إلا أن العلماء يسعون لإثبات فكرةٍ قد تكون أقرب للخيال وتدعى (التفرد)، وتتلخص بالتقاء التكنولوجيا مع علم الأحياء، ومقتضاها أن كل سنة يعيشها المرء في حياته البيولوجية تستطيع التكنولوجيا تزويده بسنة أو سنتين إضافيتين. ويأتي ذلك من خلال تخزين الخلايا الجذعية الخاصة بكل شخص، ويتم طباعة أعضاء جديدة من خلال تلك الخلايا كالقلب أو أي عضو آخر عدا الدماغ! وإذا حصلت فكرة التفرد قد يعيش الإنسان للأبد وهذا يخالف ما ورد في القرآن الكريم وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ .
وقد بدأ الباحثون بشكل جدي بمحاولة حل لغز الشيخوخة، وتمكنوا من تحديد بعض التغييرات في نمط الحياة تضيف إلى عمر الإنسان عدة سنوات، كما وجدوا بروتينات وأحماضاً نووية يمكن التلاعب بها لحماية الخلايا من التلف، ورصد جون يون طبيب الأشعة في كاليفورنيا مليون دولار لمن يستطيع كبح الشيخوخة!
ولعل السؤال الذي يتبادر للذهن حال قراءة تلك الخيالات العلمية هو: ترى إلى متى يود الإنسان العيش؟ وهذا السؤال قد يتضمن طرح أفكار وجودية حول الحياة والموت، والفناء والخلود، ولكن الواقع أن الحياة الأبدية ستكون حتما مملّة، لما يكتنفها من الرتابة والسأم لاسيما حين ترافقها الشيخوخة والضعف وفقدان شيءٍ من الذاكرة إن لم يكن معظمها أو كلها، بل إن رحيل الأصدقاء والأقارب عن الدنيا يعد خسارة لا تستطيع سنوات العمر المديدة تعويضها.
ولعلنا نتفق على أن دوراً بارزاً تشكله أنماط الحياة في المحافظة على الصحة، وإمكانية إطالة العمر بمشيئة الله وبالذات ما يتعلق في نوع الأطعمة، فالدهون الكثيرة والمقليات تدفع الخلايا نحو الشيخوخة وقد تقتطع سنوات من العمر، وعلى العكس ما يمنحه تناول العسل والفواكه والخضراوات للجسد من قوة ونشاط، كما يمكن التخلص من بعض العلل والأمراض بالحمية الصحية والرياضة المستمرة واستنشاق الهواء النظيف بعيداً عن التلوث، ولعل الابتعاد عن التدخين من الأولويات في المحافظة على الصحة.
وسواء امتد العمر أو قصر؛ فإن العبرة بثراء السنوات ومدى تأثير المرء وإنجازاته فيها وبقاء أثر حسن فيها وذكرى طيّبة.