د. خيرية السقاف
يتداول بعض المهتمين بالشأن التربوي في المؤسسة التعليمية لقطات ناطقة لبعض سلوك بدأت تسلط عليه الضوء وسائل التواصل لمعلمين إنسانيين منهم من يُلبس تلميذه حذاءه , ومنهم من يحتضن المتفوق منهم, ومنهم من يبكي تلامذته لانتقاله من مدرستهم, ومنهم من يشاركهم وجبة غداء بعد أن تأخر عنهم أولياؤهم, وفي هذه اللمحات إنسانية يُفترض أن تكون ضمن سجايا ممتهن التعليم, ولعله سلوك يتوقع أن يكون ضمن خصائصه التربوية عند احتكاكه بمواقف مهنية وإنسانية في مدرسته, وفصله..
بل نذهب إلى إن متطلبات المهنة تشترط أن يتحلى المعلم بالخلق الحسن, ومنه التواضع, وحسن التعامل, ومراعاة فروق الدارسين النفسية والعمرية, والتعامل معها وفق النهج الإنساني, والتربوي قبل التعليم في الصف.
وكل ذلك من منظومة الأخلاق والقيم التي نشأ عليها إنسان هذه الأرض في ضوء تحديد مصدرها وهو شريعة العلاقات البشرية الأبوية, وفيها مسؤولية المعلم المشتركة مع الوالدين لتنشئة الصغار في المدرسة في جوي أسري, وجعلها بيئة طيبة فاضلة يحترم فيها الصغير كبيره, ويرحم فيها الكبير صغيره.. فلا عجب أن تكون هناك أيضا معلمات, ومعلمون يبتاعون لصغار المدرسة أطعمة, وحلوى, بل أدوات مدرسية تنقصهم, أو يتمتع بها سواهم, وتمتد الأواصر لشراء ملابس لمن يحتاج منهم إليها.
أذكر أنني قبل سنوات كتبت هنا مقالا بعنوان «مطَّارة الماء» تلك التي كانت سببا في فشل طالبة ثم في تفوقها, ودور المعلمة التي أنقذت بها صغيرة من الشتات, والفصل عن المدرسة. وقبلا كتبت بسنوات ما عن «وردة المعلمة» تلك التي كادت أن تفصل طالبات من المدرسة, حيث في تلك الفترة كان «ممنوعا» أن تقدم طالبة وردة الصباح لمعلمتها, ثم بعد المقال أبلغت من قبل مسؤولي التعليم حينذاك بأن ما ورد في المقال خضع للدراسة, ومن ثمَّ تمَّ تعديل التعليمات التي كانت تنص على منع وقوف طالبة في غير وقت الدرس لتتبادل شيئا مع معلمتها, وإن كانت وردة بيضاء من حديقة منزلها.!!
الشاهد في الموضوع هو أن المعلم, والمعلمة المتميزين بحسن التعامل, وكرم النفس, وتواضع الجانب, والمؤهلين بخصائص التربية , المحترفين مهنة التعليم بسماتها النفسية, والفكرية, والسلوكية مع طلابهما هما أنموذج حي, وفاعل في مدارسنا, وإن تسليط الضوء على مواقف منهما تحفز للاقتداء بهما في الإعلام بأنماطه إنما هو فقط للتذكير وليس للانبهار بتفردها.., وإنه لتقوية الدافعية لمحاكاتها بشكل أنشط, وأحرص على جعل المدرسة امتدادا للبيئة الأسرية الحميمة, من أجل أن يتلقى الدارس خبراته في اطمئنان, وإقبال, وثقة, وحب.