د. خيرية السقاف
والقدامى السابقون حين طلبوا من الغريب عن داره وأهله، النازل بغيرهما أن يكون مؤدبا وأديبا في مسلكه، ولا يتحلل من الوقار والحذر، الحيطة والعمل بأنظمة المكان الذي ينزل به حتى يغادر، فلأنهم بذلك يريدون له أن يحفظ لنفسه حقها في المكوث بأمان، وحقها في تبادل التعامل الراقي معه، دون إخلال بتجاوز من أحدهما على الآخر..
لكن كثيرا ما تصلنا أنباء عن بعض أبنائنا حين يذهبون للدراسة في بلدان العالم لا يتعاملون بنصيحة أجدادهم، فهم الغرباء الذين يفرطون في حقهم جراء عدم حيطتهم وتعاملهم الواعي مع أنظمة تلك البلدان.
بعضهم يقع في مغبة الجهل بالأنظمة وهذه قد تتطلب منهم قبل الذهاب لأن يتعرفوا عليها سواء في أنظمة السير أو المعاملات البنكية أو أنظمة الإسكان، أو الإقامة، أو الجامعات، أو الجيرة، ونحوه.. وبعضهم يركنون إلى دعة التواكل، والاعتماد على غيرهم في شؤون كانت مقبولة منهم داخل أسرهم في وطنهم، وبين أهلهم، وخاصتهم لكنها غير مقبولة حيث يسافرون، ويقيمون للدراسة، وهنا تتشكل مخاطر هذه الدعة، والتواكل.
وبعضهم يتبسطون في الدعابة حيث يحسبون أن «مزحة» كمزحة الطالب محمد النهاري مع مشرفة السكن الذي ينزل فيه حين قال لها إن قدر البخار «المكتوم» يستخدم للطبخ وبعضهم يستخدمه للتفجير، فآل إلى السجن، وتمادوا في سوء تعاملهم مع دعابته، بسجنه حتى بعد اتضاح براءته من نتائج التحقيق، وذهبوا إلى المماطلة بتأجيل المحاكمة لأسبوعين قادمين، وبالمطالبة بكفالة قدرها خمسين ألف دولار إلى أن يُقضى بالإفراج عنه، ذلك في أمريكا المتأهبة لكل السكنات، واللمحات، بصرامة قوانينها عالية الحماية التي لا ترحم من يجهل قوانينها، أو يداعب أمنها ولو شفاهة، وبحسن نية..، !!
ما تنقله لنا المواقف التي يتعرض لها المبتعثون فيها ما يدل على أن أبناءنا بشيء من حسن النية، وبكثير من عدم الحرص، يقعون فيما لا يحمد لهم، ولا لأسرهم، بل أيضا لا يحمد لواقع مشاهد فيه سوء التعامل، وخطأ المفاهيم السائد عن المسلمين، فيكونون ورقة رابحة ليبث الآخرون عنها سوء مواقفهم مع العرب، والمسلمين..، ووطنهم..
من أجل ذلك ليكن شعارهم النازلون بغير أراضيهم وأهلهم «يا غريبْ كن أديبْ»، وليتبعوا سنة آبائهم في أخلاق تعاملهم، لعلهم يوقفون هدر الفرص لعقوبات قد لا يستحقونها حين يتمتعون بوعي الإحاطة بكل نظام في مكان يضعون فيه أقدامهم.