سعد بن عبدالقادر القويعي
في الوقت الذي كان يجب فيه تعزيز إعادة الثقة للدولة اليمنية، بالطريقة التي تعطي للمؤسسات أدوارها، وتحيي الأمل في التداول على السلطة بطريقة سلمية، فقد ظهر جليًا لكل من تتبع أمر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو في اليمن «داعش»، أنه تنظيم ممول بشكل جيد للغاية، باعتباره يشكل نوعا من التطور الذي كان متوقعا في أداء الحركات الجهادية المتطرفة.
ولا أبالغ إن قلت: إنه يحكي تطوراً لمسار متطرف متزايد، لم تتم مقاربته بصيغة جماعية جادة شمولية علمية.
ويتضح هذا على أرض الواقع، ما حدث من عمليات التفجيرات، التي تعرضت لها عدن، وهزت العاصمة المؤقتة قبل أيام، ونجا منها نائب الرئيس اليمني خالد بحاح، وأعضاء الحكومة الشرعية.
وفي الوقت التي ترفع فيه هذه التنظيمات الإرهابية شعارات الجهاد ضد الغرب، وإسرائيل، وأعداء الأمة، نجدهم - في أغلب الأحيان - لا يقتلون إلا المدنيين، والعزل المسلمين. والعمل على جعل القوى المتضادة على الأرض العربية، تستنزف بعضها البعض ؛ لتنقلب معادلة الصراع الجانبي رأساً على عقب، بعد أن تتشكل التضاد في مقابل مساومات نفوذ، ومكاسب إستراتيجية، تسعى إليها تلك الدول لصالح غرف استخبارات دول إقليمية، ودولية، وغرف لصناعة القرار السياسي.
لن يستطيع تنظيم داعش الإرهابي توسيع موارده، ولا المساحات التي يريد أن يسيطر عليها عبر هجمات يائسة، لا من حيث التشكيل، ولا من حيث العقيدة القتالية ؛ لكنه يريد خلط الأوراق ، وتداخل المسميات ؛ من أجل إرباك العمل السياسي من جهة، والتشويش على العمل العسكري لقوات التحالف المناهض للاحتلال الحوثي، والزمر العميلة المتسلطة على رقاب الشعب اليمني من جهة أخرى، وذلك من خلال الاستنزاف طويل المدى عن طريق الكر، والفر، واحتلال مواقع، والتراجع عنها، وإخلائها تبعاً للموقف الذي يشترط مرونة حركة تنظيم داعش، وقدرته على اختيار الفعل العسكري في الزمان والمكان المعينين.
يدخل داعش ضمن لعبة خطيرة جداً، وهي تتمدد بمساعدة دولية على الأرض ولو بشكل رمزي؛ من أجل تأسيس مشروع دولة على الأرض. فهناك من يرسم الخطوط العامة للتنظيم، وهناك من يشارك في مراحل معينة في إعادة صياغة المنطقة؛ انطلاقا من استغلال الأوضاع الهشة التي تعيشها بعض الدول العربية، إضافة إلى تشويه صورة الإسلام، والمسلمين، وتقوية «ظاهرة الإسلاموفوبيا» في البلاد الغربية.
وعليه، فإن محاصرة داعش، والعمل على تجفيف مصادره، وتفريغ قدراته، وتفكيكه، ومحاصرته؛ من أجل القضاء عليه أمر في غاية الأهمية، ويبقى - بعد ذلك كله - ضرورة التنسيق الأمني، والمخابراتي على صعيد دول الخليج.