عماد المديفر
في ظل تنامي الاعتماد على وسائل الإعلام الجديد وخصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي كـ»تويتر وفيس بوك»، أو «واتس آب»، لدى أفراد المجتمع السعودي، وخصوصًا فئة الشباب منهم، وهم الأقل خبرة وعلمًا، والأكثر حماسة واندفاعًا وربما تهورًا، وفي ظل ما يمارسه رموز الدعاية الخبيثة من محاولات مستمرة ومدروسة،
عبر هذه الوسائل الحديثة، أو عبر مقالات أو مشاركات لهم هنا أو هناك، في وسائل إعلام مشبوهة، يسعون من خلالها إلى ضرب مصداقية مصادر التلقي الرسمية أو شبه الرسمية الموثوقة لدى الجمهور السعودي، بهدف التقليل منها، ونزع الثقة عنها، بل وصل الحال بكل خبث وخسة إلى «تخوينها» ووسمها بـ «الاسترزاق» تارة، وبـ»الصهيونية» تارات أخرى، والهدف من كل ذلك هو محاولة سيطرة العدو على عقول وقلوب الجماهير السعودية - خاصة - وبالتالي التحكم بهم وتوجيههم من حيث لا يشعرون، إِذ هي المستهدف الأول والرئيس من هذه الحملات المسعورة المستمرة، التي لم تجد بكل أسف، وحتى الآن، التعامل الأمني والقانوني والإعلامي الحازم والحاسم والصحيح معها..
ربما كان هذا «التقاعس» في التعامل معها لظن بعض المعنيين «غير الملمين بخطورة هذه «البروبغاندا» الخطيرة لعدم اختصاصهم»، بعدم تأثيرها في المجتمع، أو بضعف هذا الأثر، فإن ذلك كله يهيئ البيئة الخصبة لتنامي أثر «دوامة الصمت» السلبي والخطير بين أفراد المجتمع السعودي، ما ينبئ بخطر يحدق بجبهتنا الداخلية..!
و»دوامة الصمت» - لمن لا يعرفها- نظرية علمية إعلامية مهمة وخطيرة، أثبتت نتائج الدراسات المتوالية صحة فروضها، حيث تقول النظرية من ضمن ما تقول، بأن عددًا كبيرًا من الأفراد داخل المجتمعات قد يكون لهم رأي أو اتجاه في موضوع معين، لكن لم تحن فرصة أو مناسبة ليبدو وجهة نظرهم أو رأيهم تجاهها. أو قد لا يكون لهم رأي أو اتجاه واضح بعد. وهؤلاء قد يشكلون غالبية يسميها البعض بـ»الصامتة»، أو «الواعية»، إلا أنهم حين يكتشفون «أو يتم إيهامهم بشكل أو بآخر عبر وسائل الإعلام وخصوصًا الجديدة كـ»تويتر» أن هناك أكثرية تأخذ رأيًا أو اتجاهًا آخر مخالفًا، «وقد أثبت دراسات موثوقة وتقارير أمنية بأن هذه الأكثرية مختلقة وغير حقيقية، عبر معرفات وهمية، أو حتى أجنبية من خارج السعودية، هدفها خلق حالة من رأي عام «مُضلل» وتيار عارم غير حقيقي بهدف الإيحاء بشيوع رأي ما أو فكرة ما داخل المجتمع المستهدف» فإنهم «أي الأفراد الحقيقيون» يسكتون!.. ويخفون رأيهم المخالف لما يعتقدون أنه رأي السواد الأعظم في المجتمع، وربما مع الوقت يتبنون هم ومن حيث لا يشعرون هذا الرأي أو التوجه الذي كان مخالفًا تمامًا لتوجهاتهم ومعتقداتهم الحقيقية الأولى، أي إنهم ما يلبث وأن يجرفهم معه هذا التيار المختلق، أو هذه «الدوامة» المصطنعة، فيحقق «العدو» مبتغاه..!
إن الدعاية أو «البروبجاندا» سلاح فتاك خطير، لا يعي مقدار خطره وفتكه كما يعيه المختصون، فقوة هذا السلاح تتمثل في تحقيقه لما تعجز عنه جيوش جرارة، بمُشاتها، ومدفعيتها، وصواريخها، وطائراتها، وبارجاتها! بل لا أبالغ إطلاقًا إن قلت إنه «سلاح دمار شامل»، أمضى فتكًا وقوة من السلاح النووي! بل هو أمضى منه بكثير! خاصة أن كانت أبواق هذه الدعاية الخبيثة أفراد من بني جلدتنا، يعيشون بيننا، ويتسترون بستار الدين، والغيرة على «مصالح الأمة» ومقدساتها! فيما هم يمارسون دورهم كطابور خامس للعدو بيننا، يمررون دعايته بين فئام المجتمع لما يمتلكونه من مصداقية عند بعض المغرر بهم ممن لم تتكشف لهم بعد حقيقة كنه هؤلاء الدون.. إنه واقع، لا مبالغة ولا خيال، حقيقة يعلمها العدو، ويعمل وفقها، ويستخدمها بدهاء..
«حرب الكلمات»، «الحرب الباردة»، «الحرب الأيديولوجية»، «حرب المعلومات»، «حرب الأعصاب»، «الحرب النفسية»، جميعها مصطلحات متعددة تشير إلى أداة قذرة واحدة.. إنها «الدعاية».. تجعل الأبيض أسود! والأحمر أخضر! ويصدقها الناس!
تجعل الحق باطلاً! والباطل حقًا! والمسلم الوطني المخلص الغيور يضحي صهيونيًا! وخطابه ونصحه ورأيه يوسم بـ «التصهين»! والمتصهين الحقيقي أصبح «إسلاميًا وطنيًا» يوزع تُهم «التصهين» بخبث ومكر، تحقيقًا لأهداف العدو، مُدعيًا الغيرة على الإسلام والوطن والمواطن! ومتحدثًا باسم الوحدة، والجماعة، باسم الدين وباسم الله، تعالى الله عمّا يقولون علوًا كبيرًا! أفلا ترى «حزب الله» و»أنصار الله» و»جند الله» و»الجهاد الإسلامي» و»الإخوان المسلمون» و»حركة المقاومة الإسلامية» و»الدولة الإسلامية» و»فيلق القدس» و»سرايا القدس» و»بيت المقدس» و»قاعدة الإسلام» أو «قاعدة الجهاد الإسلامي»! أساليب دعائية رخيصة، يستخدم فيها عدو الدين والوطن اسم «الله» و»الدين» لتمرير أجندات خبيثة شريرة، تفت في عضد الأمة، وتنشر السم الزعاف.