عماد المديفر
لا شك بأن إستراتيجية أمريكا في الحرب على «داعش» قد فشلت، بل وستواصل فشلها إن استمرت على ذات النهج، وهو ما سبق وأوضحناه لهم مراراً، وبالتالي فإن التأخر في حسم الأمر في سوريا تسبب في تفاقم الأزمة، ووصولها لأوروبا عبر مأساة تدفق اللاجئين،
بل وأكثر من ذلك.. الدب الروسي له الكلمة الأولى الآن في سوريا وربما في العراق أيضاً..
فحين تقول الولايات المتحدة بأن الحرب على «داعش» ستأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد لعشر سنوات، وحين تمنع وصول أسلحة نوعية للشعب السوري مُمَثلاً بالمعارضة المعتدلة والجيش الحر، وحين تتلكأ في إنشاء مناطق آمنة عازلة محظورة الطيران يلجأ إليها الشعب السوري وينعم فيها بالآمان داخل بلاده في شمال وجنوب سوريا، وحين تضع خطوطاً حمراء للمجرم «الأسد» ثم يتجاوزها، فتتراجع عن وعيدها بتوجيه ضربات جوية عسكرية ضد هذا السفاح، هذه الضربات التي كان من المتوقع لها -فيما لو تمت- أن تحدث فارقاً نوعياً لصالح الشعب السوري ضد قوى الإرهاب التي يواجهها وحيداً على تنوعها، وحين تُدَرِّب بضعة عشرات فقط من المعارضة السورية المعتدلة وتمدهم بأسلحة ومعدات خفيفة، وتزج بهم داخل الأراضي السورية في مواجهة ميليشيات القتل والإرهاب الوحشية، سواء من النظام الساقط وحلفائه من مليشيات الإرهاب الأفغانية والإيرانية والعراقية وحزب الله، أو من تنظيم «داعش» وجبهة النصرة الإرهابيين، ودون أن تقدم لهذه القوى المعتدلة أي عون أو اسناد أو تأمينٍ حقيقي يذكر.. ثم وعلى وقع كل ذلك يصل عشرات الألوف من اللاجئين الهاربين السوريين من ويلات القتل والإرهاب والدمار إلى أوروبا.. فإنها بالتأكيد تخلق فرصة سانحة للتواجد الروسي القوي لفرض نفوذه وسيطرته بحجة «محاربة الإرهاب».. ولتصبح صورة أمريكا في العالم العربي والإسلامي، بل والعالم أجمع.. مهزوزة، مترددة، وضعيفة أمام الروس، وليقول أحدهم: «لقد مَرَّغت موسكو أنف واشنطن في تراب سوريا والعراق..»!
روسيا هاهي بعد أن فرضت سلطتها على جزيرة القرم، ولا يزال نفوذها يتوسع في أوكرانيا غير عابئة بالغضب الأوربي والأمريكي والعقوبات الدولية المفروضة عليها، هاهي تبرر تواجدها، ليس في سوريا فحسب، بل وفي العراق أيضا وعلى حساب أمريكا التي يبدو أنها تخسر هناك.. هذا التواجد العسكري الثقيل الذي جاء لإنعاش النظام الساقط للطاغية المجرم «بشار الأسد» وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن أشرف هو وحلفائه من ميليشيات طهران الإرهابية المتعددة الجنسيات على الانهيار أمام إرادة الشعب العربي السوري الأبي، بينما يسوق نظام العمالة في دمشق وهو يقصف شعبه بالبراميل المتفجرة، والغازات السامة، والقنابل المحرمة، مرتكباً بحقهم أبشع جرائم الحرب التي شهدها التاريخ الحديث، رافعاً شعاره «الأسد.. أو نحرق البلد».. وهو ذات التبرير الذي ساقه المجرم «نوري المالكي» في سبيل نشر الفوضى والقتل بين أبناء الشعب العراقي، للقضاء على مطالبات العشائر العراقية السلمية العادلة، حتى اعترفت حكومة «العبادي» بدور هذا الخبيث في تسليم «الموصل» -ثاني أكبر مدينة عراقية- لتنظيم «داعش» الإرهابي، وليس ذلك فحسب.. بل وفي تسليحه أيضاً!
وهنا يبرز سؤال مهم.. في إجابته تفك شفرة «داعش».. وكذبة ما يسمى بـ»الحرب ضد الإرهاب»..
تُرى.. ما علاقة «داعش» بالمخابرات السورية والإيرانية؟ وما علاقة النظامين في دمشق وطهران بموسكو؟
إننا إذا ما عدنا بذاكرتنا للوراء قليلاً، وتحديداً إلى عام 2003م والغزو الأمريكي للعراق، فسنتذكر الدور القوي للاستخبارات الإيرانية، وعملائها الذين زرعتهم داخل ما يسمى بـ»مؤتمر المعارضة العراقية في الخارج» و»الحكومة العراقية في المنفى»، دورهم في جر أمريكا لحرب العراق، وإسقاط نظام «صدام حسين»، وبعد أن سقط نظام بغداد، وجدنا كل من النظام السوري في دمشق، ونظام الملالي في طهران يدعمان كليهما التنظيمات الإرهابية التي كانت تحارب القوات الأمريكية في العراق، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، والميليشيات الشيعية المتطرفة، وهو ما ثبت بالدليل لدى الاستخبارات الأمريكية، وليس ذلك فحسب، لقد أجهضت حكومة العراق الجديدة حينها دور «الصحوات» التي نجحت ذلك الوقت في محاربة «القاعدة في بلاد الرافدين» أو «دولة العراق الإسلامية»، إلا أن الحكومة العراقية وقتها قضت على مشروع الصحوات، وهو ما يعني إنقاذ «القاعدة».. وبعد أن قامت ثورة الشعب العربي السوري السلمية ضد نظام بشار الأسد.. لم يجد الأسد مبرراً لاستمراره في تقتيل شعبه إلا باستيراد عملائه الإرهابيين من «بلاد الرافدين»، ليصبح اسمها «داعش».. أهذا كل شيء؟