جاسر عبدالعزيز الجاسر
تتواصل الجرائم الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، إِذْ ترتفع وتيرة القتل اليومي للشباب الفلسطينيين الذين يواجهون التصفية الجسدية بإطلاق الرصاص، ليس فقط بدافع الشبهة فقط على الفلسطينيين بادعاء حملهم للأسلحة البيضاء «سكاكين»، بل أيضاً إطلاق الرصاص الحي بشكل متعمد على الفلسطينيين بحجة حملهم للمدى، وقد تبيّن بعد قتل عدد من الفلسطينيين شباناً وفتيات انهم لم يكونوا يحملون أي سلاح يهدد حياة المستوطنين أو قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقد ثبت لكل من تابع الأحداث في فلسطين المحتلة أن هناك تعمدا واستهدافا للشباب الفلسطيني وقتلهم بحجة شبه حمل السكاكين، وهي حجة ثبت بطلانها بعدم التأكد من أن الكثير من الذين قتلوا لم يكونوا كذلك، فقد قتلت طفلة فلسطينية لا يتجاوز عمرها 13 سنة وهي واقفة تنتظر الحافلة في محطة نقل الطالبات، كما قتلت فتاة أخرى بعد خروجها من منزلها وبعد الطلب منها الوقوف امتثلت لذلك ورفعت يديها إلى الأعلى، إلا أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي اطلقت الرصاص الحي وقتلتها بدم بارد.
هذا التهديد المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقف على قوات الشرطة وحرس الحدود وقوات الجيش، بل ينضم إليهم مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة الذين يعدّون أكثر تطرفاً من قوات الاحتلال وأشدهم شراسة، وقد كشف مسؤول أمني إسرائيلي أن هناك أكثر من 330 ألف تصريح لحمل سلاح ممنوح للمستوطنين، ويتنقل هؤلاء المستوطنون المسلحون بالرشاشات في الأراضي الفلسطينية والمدن المكتظة بالفلسطينيين كالقدس المحتلة ونابلس والخليل وأريحا، وأثناء تنقلاتهم يتحرشون بالمواطنين الفلسطينيين ويستفزونهم مما يثير غضب الفلسطينيين الذين ما أن يحاولوا الرد ووقف تلك الاستفزازات، يجد المستوطن ذلك حجة لقتل الفلسطيني الذي يحاول وقف استفزازه، وهكذا تم قتل العديد من الشبان الفلسطينيين حيث كانت مدينة القدس أكثر المدن الفلسطينية التي شهدت استشهاد هؤلاء الشبان الذين استدرجهم المستوطنون وفق مخطط تشارك فيه حكومة نتنياهو.
كل هذه الانتهاكات والتجاوزات الإسرائيلية التي تفعلها حكومة نتنياهو والتي تتواصل وتتزايد نتيجة استمرار الصمت الدولي، لا تشجع الحكومة المتطرفة وتدفع المستوطنين وقوات الاحتلال إلى ارتكاب المزيد من هذه الجرائم، بل تجعل الجميع يشعرون بأن الكيان الإسرائيلي محصن وفوق القانون الدولي والإِنساني وهو ما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، ويدفع الفلسطينيين إلى مواجهة هذه الانتهاكات فبعد أن يتقينوا بأنهم معرضون للقتل سواء استسلموا للأمر الواقع أو عارضوه فإنَّ في طريقهم إلى اختيار المواجهات حتى وان واجهوا رصاص الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة أو بسكاكين المطبخ.
وهنا لا بُدَّ للأسرة الدولية أن تبادر بالتحرك لحماية هذا الشعب الذي حرم من الحصول على حقوقهم الشرعية في التحرر والاستقلال وإقامة دولتهم التي تكفل لهم العيش بكرامة، وهم الآن يواجهون الإبادة والقتل المتعمد، فبعد الاستيلاء على أراضيهم وهدم منازلهم وصل الأمر إلى قتلهم لإجبارهم على ترك ديارهم للمستوطنين، وهو ما يفرض على الأمم المتحدة وبالتحديد مجلس الأمن الدولي أن يبادر إلى تشكيل قوات دولية لحماية الفلسطينيين بعد أن وصل الأمر إلى استهدافهم بالقتل، وهناك سوابق عديدة في إرسال قوات دولية لحماية المهددين بالقتل وهو ما يفرض على الضمير الدولي أن يتحرك قبل أن يفلت الأمر وتندلع مواجهات لرد عمليات الإبادة والقتل، فرغم عدم تسلح الفلسطينيين في مواجهة ترسانة أسلحة الإسرائيليين إلا أن الفلسطينيين قادرون على تحويل الحجر والسكين إلى سلاح فعال أن لم يستمع العالم إلى صرخاته.