جاسر عبدالعزيز الجاسر
تتواصل الصدامات في الضفة الغربية من فلسطين، وبالذات في مدينة القدس المحتلة والمدن والقرى القريبة منها، فبعد زيادة انتهاكات المستوطنين الصهاينة وتعنُّتهم وتكرار محاولاتهم تدنيس المسجد الأقصى، وانحياز قوات الاحتلال الإسرائيلي الذين يقدمون لهم الحماية والحراسة، وترك الشعب الفلسطيني الأعزل وحيداً في مواجهة وحوش المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، لم يجد الشبان الفلسطينيون طريقة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المزدوجة من المستوطنين وقوات الاحتلال، إلا الرد بطريقتهم الخاصة، والتي تتمثل في استهداف المستوطنين المعتدين في هجمات فردية بالأسلحة البيضاء، التي لا تتعدّى سكيناً يمكن الحصول عليه من مطبخ البيت أو من أيّ بقالة، ومع أنّ الشباب الفلسطينيون يعلمون أنهم سيُقبض عليهم، وأنهم قد يُقتلون على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، أو المستوطنين الذين يحملون الأسلحة الفردية ويحظون بالحراسة والحماية من جنود الاحتلال الذين قتلوا الشبان الفلسطينيين، إلاّ أنهم يواصلون الترصُّد للمستوطنين وطعنهم بالمدى والسكاكين. ومع أنّ عمل هؤلاء الشبان عمل فردي، إلاّ أنّ الإسرائيليين يعيشون رعباً حقيقياً دفع الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو إلى عقد اجتماعات خاصة، ومنها اجتماع للمجلس الوزاري المصغّر لبحث هذا التطور، بعد توارد تحذيرات إسرائيلية من اندلاع انتفاضة ثالثة يشعلها الفلسطينيون لاسترداد حقوقهم ولوقف الاعتداءات الإسرائيلية سواء من قِبل المستوطنين أو قوات الاحتلال، ومع أنّ الباحثين ومنهم كثير من الفلسطينيين، يستبعدون أنّ تتطور هذه الصدامات إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة، لافتقارها إلى العديد من المحفزات أو المسببات وإن توفرت الدوافع والغضب لدى الشباب الفلسطيني، إلا أنّ العائق الحقيقي هو غياب القائد الميداني الفلسطيني، والزعيم الفلسطيني الذي يستطيع تنظيم وإشعال هذا الغضب وجعله أكثر اشتعالاً، من خلال تنسيق الأعمال التي يقوم بها الشباب والتي لا تزال في النطاق الفردي.
كما أنّ الحالة التي تعيشها القضية الفلسطينية من تجاهل وعدم اهتمام دولي وحتى إقليمي، بعد انشغال الأسرة الدولية وحتى العربية بما يجري في سوريا وليبيا وقضية اللاجئين الذين يتدفقون بمئات الآلاف، يحرم الفلسطينيين من المتابعة الإعلامية التي قد تساعد على ديمومة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، وتطوير الأعمال الفردية للشبان من عمليات طعن إلى مواجهات جماعية سواء بالتظاهر أو برمي الحجارة، فمثل هذه النشاطات ما لم تحصل على متابعة إعلامية دولية تدفع الشعوب الحرة إلى الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي وتدفعها لوقف اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني، وتستأنف مفاوضات السلام التي جرّدتها من أهدافها بعد أن تخلّت عن تنفيذ كل التزاماتها التي تضمنتها اتفاقيات أوسلو، والتي جردت السلطة الفلسطينية من كل قدراتها لخدمة الشعب الفلسطيني والدفاع عنه أمام هجمات قطعان الاستيطان الصهيوني وتجاوزات سلطات الاحتلال الإسرائيلي.