د. محمد عبدالله العوين
اليوم الأول من محرم من السنة الجديدة 1437هـ..
وبعد شهر ونصف تدخل السنة الميلادية الجديدة 2016م، وعلى الرغم من أن الأحداث لا ترتبط بتصرم عام وإقبال آخر، ولا بانحسار أزمة وانفراج كرب، ولا بتفاؤل أو تشاؤم، ولا بصلاح أمر أو فساده؟ فالزمن وعاء ونحن البشر من يملؤه ويحرك أحداثه وفق ما هو مكتوب في الأزل بتدبير الخالق جلا وعلا {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وهو ما يحدث الآن في عديد من البلدان العربية من فوضى وتدمير وقتل وتهجير وتشريد وسجون وتعذيب وفاقة وانقطاع أرزاق وتقطع سبل الحياة الآمنة المستقرة المنتجة، وتشتت عوائل وأسر، وما أنتجته هذه الأهوال والمصائب من يتم وفقد الأب والأم أو أحدهما، مما أنتج آلافا من الأيتام الأطفال المشردين ممن لا عائل ولا راعي لهم تتخطفهم الأيدي والبؤس والجوع والضياع.
لقد مرت خمس سنوات مرة حالكة السواد على سوريا واليمن وليبيا بعد أن حاكت المؤامرات في الخفاء والعلن تفجير الشعوب المحتقنة التي كانت تعاني طوال عقود من هيمنة الدكتاتوريات وتسلط الحكومات المستبدة في تلك البلدان المشار إليها، ومن ضيق فرص العيش، وضعف مستوى الدخل، وسوء الخدمات، وهو ما هيأ النفوس لتقبل الشحن وإذكاء الضغينة على تلك الأنظمة العسكرية المستبدة من خلال النشاط المحموم المسيس المدبر الموجه من الغرف المغلقة في سفارات دول أجنبية لمنظمات ما يعرف بـ « مؤسسات المجتمع المدني « ومن يمثلهم من الناشطين في العمل الاجتماعي والسياسي الذين امتطتهم أجهزة المخابرات « الغربية « بثمن رخيص بخس لتأجيج المشاعر وقيادة المظاهرات ورفع الشعارات والمطالبة بما تحمله تلك اللافتات المتقدة حماسة وهيجانا « حرية، حرية « واشتعلت الشوارع، وماجت الميادين بالحناجر الصاخبة؟ ولكن أصوات أنظمة العسكر أعلى وسرعة قذائفهم أقوى، وأزيز رصاصهم أقدر على الفتك بحشود البائسين السلميين، وقامت الثورات، وتداخلت التيارات والدعوات، وتقاطر إلى ميادين الصراع المندفعون والمتحمسون من دول الجوار ومن كل بلدان العالم، فما عاد يعرف القاتل من المقتول، ولم قتل؟ وما عادت البراميل ولا القذائف تفرق بين بشر ولا حجر، وما عادت الشعارات المطالبة بالحرية كما كانت بدء التجييش؟ بل تحقق هدف غرف الاستخبارات الأجنبية البعيد؟ وهو ما تصفه الآية الكريمة « يخربون بيوتهم بأيديهم « إلى أن أصبحت سوريا بلا شعب، وبلا مدن، وبلا حياة، وإلى أن أصبحت ليبيا ولايات وقبائل معزولة متقاتلة يعشش فيها فكر الدواعش ويقيمون في ولاياتهم المزعومة حكم الخوارج، وإلى أن أصبحت اليمن أو أوشكت أن تكون امتدادا ومنفذا لعمائم قم الفارسية، وغدا اليمن كله رهينة لمستقبل نكرة غريب مجهول مختلف ناكر جذروه العربية الإسلامية باستيلاء الحوثيين عليه كما هو حال بغداد عاصمة الحضارة العربية خمسة قرون التي أصبحت تحكم من طهران الفارسية بعد نجاح الحبائل لانتزاعها من حضنها العربي وتدمير قوتها العسكرية وحصارها وإضعافها إلى أن أصبحت غير قادرة على المقاومة ثم سلمها المستعمر الجديد إلى أعداء العرب والمسلمين الفرس.
خمس سنوات مرة، وقبلها سنون طويلة من التخطيط وانتظار الفرص والحملات الإعلامية واستقطاب العملاء إلى أن حان الوقت المناسب للإيقاع بالعراق أولا وتدميره وإهدائه لطهران، وتلت ذلك مرحلة أكثر وضوحا لتمزيق ما بقي من بلدان بني يعرب؟ فتمت التهيئة لإشعال الثورات حتى عم الحريق أو كاد خمسة من أقطار الوطن العربي.
واليوم، ونحن في مرحلة المقاومة والصمود لإفشال المخطط الغربي اللئيم متفائل بقدر إيماني بالله جل وعلا بأن هذا العام؟ هو عام حسم هذه الفوضى في اليمن وسوريا وليبيا وإسقاط المؤامرة الأمريكية الغربية.
وقد لاحت بشائر النصر في اليمن، وبدأ ترتيب الوضع الجديد في سوريا، ولن يفل الحديد إلا الحديد، ولن يواجه قوة الغرب الخائنة الباطشة الكارهة إلا قوة الشرق المستفزة المتطلعة إلى أن يكون لها دور في قيادة العالم.