د. عبدالعزيز الجار الله
كان الاعتقاد السائد أن ربيع العرب للعرب وانعكاساته سـتكون على أرض وبلاد العرب، حتى تسمية الثورة العربية 2010م أطلق عليها بالربيع رغم الدم والجراح.
بعد خمس سنوات من ربيع العرب هناك من يتحدث عن قرب قيام الحرب العالمية الثالثة، وإمكانية المواجهة والاحتكاك بين الطيارالأمريكي والروسي في سوريا، وحروب بالوكالة في سوريا أطرافها دول كبرى، فقد كان بعض من المحللين الغربيين في بداية الربيع العربي يتحدثون بنوع من التشفي والسخرية، حتى أن بعض السياسيين يتكلم بشكل جاد عن أطالس وخرائط جديدة ستشهدها الأرض العربية، ويقال في الإعلام الغربي ستظهر دول وتختفي دول وأكثر من ذلك، لم تمر سنوات حتى جاء سيل المهاجرين إلى أوروبا يأتونها من ثلاثة محاور تاريخية: من بلدان ربيع العرب، من إفريقيا، من وسط آسيا. أوروبا لن تخرج من قضية الوافدين حتى وإن توقفت قوافل اللاجئين السوريين، ستبقى قضية المهاجرين - صراع الشمل الغني والجنوب الفقير - قائمًا فكانت الدول العربية هي منطقة الصد والحاجز الطبيعي ما بين أوروبا وبين أفريقيا ومع اهتزاز دول الربيع وتفكك فسيفساء السياسة العربية تحركت أمواج الهجرات إلى أوروبا.
لا بد من عودة الاستقرار للبلاد العربية، ولجم إيران حتى توقف تدخلاتها في الدول العربية، فالمعالجة السريعة والجادة بدأت من تونس بجعلها دولة متماسكة حتى أن جائزة السلام منحت لقياداتها الأربعة تقديرًا لدورهم، لذا فهي الخطوة الأولى للاستقرار، والخطوة الثانية مساعدة ليبيا لإيجاد حكومة قوية تسيطر على البلاد وأن تبعد عن شبح الانهيار ولا تكون ملاذًا للإرهابيين، المعالجة الثالثة عودة الاستقرار إلى سوريا بحكومة جديدة لكل السوريين، أما إذا بقيت سوريا على جراحها فإن تعقيدات الهجرة ستزداد والإرهاب سيترسخ ويضاعف عنفه، أما المعالجة الأهم فهي إيقاف تدخلات إيران في الخليج والبلدان العربية لأنها تأجج المواقف وتبقي على فوضى الدول، وهذا تدمير لاقتصادها ولمن حولها من الدول.
كشفت جميع الأوراق، خاصة الدور المبطن أو المسكوت عنه لإيران وما كانت تؤديه طوال (35) سنة على هدم الدول العربية، والأكثر خطورة هو تفكيك البنية الديموغرافية - السكان-، ومحاولة تغليب القوميات غير العربية وتغليب المذهب الشيعي السياسي، إيران عملت على محور السكان في غفلة من العرب، وفي جميع البلدان العربية ليس من أجل نشر المذهب الشيعي السياسي فقط وإنما من أجل تفكيك لحمة البنية العربية التي تمثل البناء القوي للأراضي العربية، وهذا لقي توافقًا من دول عديدة لا تريحها روح وتماسك البنية العربية.