فهد بن جليد
كما هي عادتنا (نتباهى) خارج المملكة بتطبيق النظام، والالتزام به، بعكس حالنا داخل (ديرتنا)، كُنت في الاصطفاف أنتظر دوري في أحد الفنادق الخليجية، ليُجدد لي موظف الاستقبال (كارت) دخول الغرفة، لأنّ برمجته تتأثر يومياً بسبب (الهاتف) كونهما يجتمعان في جيبي طوال اليوم، حتى أنّ موظفي الصف الأمامي أصبحوا (يعرفون المشكلة) وحفظوا رقم غرفتي، وبُمجرد أن أبتسم في وجه أحدهم، وأمد له (الكارت) مُستمتعاً، يفهم المُشكلة !.
بينما أنا كذلك، إذ (بفتاتين) تتجاوزان الصف، وتذهبان مُباشرة إلى موظف الاستقبال، دون منح من هم في الانتظار (أي قيمة)، رغم وجود (سيدة أجنبية) في الصف معنا بدأ عليها الامتعاض، تحدثت إحداهما مع الموظف، فقالت لها الأخرى بصوت خافت (تكلمي إنجليزي، عشان ما أحد يعرفنا)؟!.
سمعتُ كل هذا كوني (الأول) في دور المُنتظرين، فقلت في نفسي لا حاجة لتغيير اللغة، فثقافة (المرأة أولاً) نحن من اخترعها، وطبقها فعلاً وليس شعاراً - كما يفعل الغرب - من خلال قاعدة (Ladies First) المُهملة، فثقافة مُجتمعنا هي من أكرمت المرأة، ومنحتها خصوصية خاصة، لتُخدم أولاً، ولا تنتظر في الصف، وربما التساهل في بعض الشروط، وتجاوز الأنظمة مراعاتنا لظروفها، ولتتمكن من العودة لمنزلها، ورعاية أطفالها، والقيام بمسؤولياتها، على اعتبار أنها خرجت لعدم وجود (رجل يخدمها)، لذا تشعر أنّ المجتمع كله يعمل من أجل أن تعود هذه (المرأة) إلى منزلها بأسرع وقت، وكأنّ وجودها في المرافق العامة أو الشوارع مُشكلة !.
حال المرأة تغير اليوم في مجتمعنا، وباتت (شريك رئيس) في الحياة، تخرج من منزلها بشكل يومي، تعمل، تسافر لوحدها، تطالب بحقوقها، لها حياتها ومصالحها المالية الخاصة، لم تَعُد تلك المرأة مكسورة الجناح، صاحبة التجربة المتواضعة، التي اضطرت إلى (الخروج) من المنزل (اضطراراً)..!.
ومع كل هذه التغيرات، مازالت ثقافة منح المرأة الحق في (الخدمة أولاً)، وإعفائها من الانتظار، تُسيطر على مجتمعنا، وهي ميزة نتوارثها من باب (النخوة والشيمة والرجولة)، وتستغلها بعض النساء بذكاء!.
المشكلة عندما تعتقد المرأة أنّ لها الحق في (ذات الميزة) حتى خارج البلاد؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.