أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: أستفتح أسبوعيتي هذه بحمد الله وشكره؛ فالمنة له وحده لا شريك له.. من على هذه البلد المباركة (المملكة العربية السعودية) بالنصر، وحفظ حدودها العربية الإسلامية برا وبحرا وجوا من أحقاد أعداء الله المجوس الكفرة.. وأسأل الله جلت قدرته أن يديم هذه النعمة على بلادنا خاصة، وأن يشمل بها بلاد العرب والمسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها، كما نسأله جلت قدرته أن يمتع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز متاعا حسنا وبلاغا إلى خير، وأن يمتع العرب والمسلمين بوجوده، وأن يجعل عمله خالصا لوجه ربنا الكريم؛ فقد من الله على بلاد المسلمين كافة، وعلى بلادنا خاصة برجل: حنكته التجارب، وعايش القادة الكرام (منذ عبدالعزيز، وسعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله رحمهم الله جميعا)، وكانت همومه صنو همومهم؛ فأعز به الأمة بعد طول عناء، وأبى أن تكون المليارات فداء لمهادنة أعداء الله وأعداء الأمة الطاعنين في ديننا؛ بل ادخر مليارات الأمة لهموم الأمة، وأعلنها حربا ضروسا على الأعداء امتثالا لأمر الله في قوله سبحانه وتعالى:{وإِن نّكثُواْ أيْمانهُم مِّن بعْدِ عهْدِهِمْ وطعنُواْ فِي دِينِكُمْ فقاتِلُواْ أئِمّة الْكُفْرِ إِنّهُمْ لا أيْمان لهُمْ لعلّهُمْ ينتهُون }(سورة التوبة/ 12)؛ وصفتهم أنهم بدؤنا أول مرة.. وقال سبحانه وتعالى: {ألا تُقاتِلُون قوْمًا نّكثُواْ أيْمانهُمْ وهمُّواْ بِإِخْراجِ الرّسُولِ وهُم بدؤُوكُمْ أوّل مرّةٍ أتخْشوْنهُمْ فاللّهُ أحقُّ أن تخْشوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِين(13)قاتِلُوهُمْ يُعذِّبْهُمُ اللّهُ بِأيْدِيكُمْ ويُخْزِهِمْ وينصُرْكُمْ عليْهِمْ ويشْفِ صُدُور قوْمٍ مُّؤْمِنِين(14) ويُذْهِبْ غيْظ قُلُوبِهِمْ ويتُوبُ اللّهُ على من يشاء واللّهُ علِيم حكِيم (15) أمْ حسِبْتُمْ أن تُتْركُواْ ولمّا يعْلمِ اللّهُ الّذِين جاهدُواْ مِنكُمْ ولمْ يتّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ ولا رسُولِهِ ولا الْمُؤْمِنِين ولِيجةً واللّهُ خبِير بِما تعْملُون} سورة التوبة (13-16).. وأولئك الأقذار من المجوس الكفرة - كعادتهم في إرادتهم الحرمين الشريفين بإلحاد؛ فأمكن الله منهم مرات كثيرة -: سلطوا زبانيتهم، وغسلوا عقولهم حتى كانوا مسخا؛ فقالوا لهم: ألحدوا في الحرمين الشريفين، والجنة أمامكم؛ فأعطوهم صكوك غفران ورضوان -: فهجموا على مكان ضيق من المسعى؛ فقتلوا ومات بموتهم عدد من الحجاج ولا سيما من السلمين الإفريقيين؛ فحسبنا الله ونعم الوكيل، وأرادوا بغبائهم: أن يكونوا قيمين على الحرمين، وقد دحرهم ربي في كتابه الكريم، وبكتهم وجعلهم خاسئين بقوله سبحانه وتعالى: {ما كان لِلْمُشْرِكِين أن يعْمُرُواْ مساجِد الله شاهِدِين على أنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلئِك حبِطتْ أعْمالُهُمْ وفِي النّارِ هُمْ خالِدُون (17) إِنّما يعْمُرُ مساجِد اللّهِ منْ آمن بِاللّهِ والْيوْمِ الآخِرِ وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولمْ يخْش إِلاّ اللّه فعسى أُوْلئِك أن يكُونُواْ مِن الْمُهْتدِين}سورة التوبة (17-18)؛ ولا يشك في شرك هؤلاء وكفرهم إلا ظالم نفسه، فهم عباد مشاهد وليسوا عباد رب المساجد والمشاهد، وهم يحجون إلى (قم)، وهي القبلة المشروعة في كفرهم.. أين هم أخزاهم الله عن قوله سبحانه وتعالى: {وأنّ الْمساجِد لِلّهِ فلا تدْعُوا مع اللّهِ أحدًا} سورة الجن (18)؛ والله سبحانه لم يجعل قبلة المسلمين إلى المشرق حيث قرن الشيطان، وقبلة هؤلاء الأقذار قبور الأولياء في سواد العراق، وعبادتهم لأصحاب القبور، وربما كان القبر قبر عدو لله كالقبر الذي أخرجه الفاطميون من عسقلان.. وهؤلاء في شركهم لا يرمقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمؤخرة العين؛ لأن جبريل عليه السلام في كفرهم أخطأ في إبلاغ الرسالة؛ فألقاها على محمد [صلى الله عليه وسلم]، ولم يلقها على علي [رضي الله عنه].. وهكذا شأنهم مع الحسن [بالتكبير] رضي الله عنه الذي حقق الله به خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه [أي الشأن؛ هذا ضمير الشأن] سيصلح الله بين فئتين مسلمتين، فالفئتان مسلمتان، وهم قبحهم الله يكفرون إحدى الفئتين، وهم يعبدون الحسين [بالتصغير] رضي الله عنه - ولم يبق شيئ منه رضي الله عنه في سواد العراق -، ويلعنون كافة المسلمين؛ لأنهم خذلوه؛ فكذبوا وأفكوا؛ فهم الذين خذلوا الحسين؛ وما كان لعبيد الله بن زياد لعنه الله أن يصل من الشام وهم في إفكهم قد جمعوا ألفي سيف في مسجد مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، فثبت الحسين رضي الله عنه بأهله وذريته، وقاتل قتال الأبطال لما خذله الأوباش.. وأما المسلمون رضي الله عنهم فقد حدبوا على الحسين رضي الله عنه، وحذروه من خذلان المجوس الذين خذلوا أباه عليا رضي الله عنه، وكان عبدالله بن عمر رضي الله عنهما آخذا بزمام دابة الحسين كما فعل بزمام جمل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها محذرا من الفتنة، ونبح كلاب الحوأب، مبينا أنه فظرف جماعة بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على يد الحسن بن علي رضي الله عنهما، ثم ضرب بسيفه الصفا حتى جعل في حده أكثر من ثلمة، واعتزل فتنة القاعد كالقائم؛ وهكذا فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فيما بعد؛ اعتزل الناس في مكان قصي.. ثم أين هؤلاء الخشارة عن قول الله سبحانه وتعالى - ومن أصدق من الله حديثا، ومن أصدق من الله قيلا -:{ولئِن سألْتهُم مّنْ خلق السّماواتِ والْأرْض ليقُولُنّ اللّهُ قُلْ أفرأيْتُم مّا تدْعُون مِن دُونِ اللّهِ إِنْ أرادنِي اللّهُ بِضُرٍّ هلْ هُنّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أوْ أرادنِي بِرحْمةٍ هلْ هُنّ مُمْسِكاتُ رحْمتِهِ قُلْ حسْبِي اللّهُ عليْهِ يتوكّلُ الْمُتوكِّلُون} سورة الزمر(38)؛ فالكفار والبدعيون المغرر بهم يتجهون إلى القبر شرقا جهة البقيع، ومنهم من يعبد الرسل عليهم صلوات الله وسلامه وبركاته، ومنهم من يعبد الملائكة الكرام عليهم سلام الله وبركاته، ومنهم من يعبد الجن؛ ومن الجن مؤمن يتبرأ إلى الله يوم لقائه أن يكون راضيا، ويقول كل المؤمنين:{...سُبْحانك أنت ولِيُّنا مِن دُونِهِم بلْ كانُوا يعْبُدُون الْجِنّ أكْثرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُون} ( سورة سبأ41).. وأما الجماد فمعروف شأنه أنه لا يضر ولا ينفع، وكل من سوى الله فهم عبيده وخلقه وملكه.. فأما عبد الله ورسوله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وهو أعبد العابدين: فلا يملك في حياته بأبي هو وأمي أن يكشف ضرا أراده الله بعبد من عباده؛ وإنما يملك دعاء ربه وقد يستجيب الله وقد لا يستجيب؛ فما استطاع عليه أفضل الصلوات والسلام والبركات أن يحقق لعمه أبي طالب النطق بالشهادتين؛ ليحاج بهما له عند الله، وهكذا شأنه مع ربيعة بن شيبة الذي ضلله عدو الله فرعون هذه الأمة أبو جهل لعنهما الله تعالى.. وهكذا أنبياء الله ورسله؛ فإبراهيم الخليل لم يملك لأبيه شيئا، وهكذا نوح مع ابنه، وهكذا هود وصالح وشعيب .. إلخ..إلخ.. عليهم جميعا صلوات الله وسلامه وبركاته.
قال أبو عبدالرحمن: بحمد الله تمت المواجهة الحربية المباركة المشروعة، وثمن الحرب ليس يسيرا؛ بل لا بد من إحدى الحسنيين: إما النصر، وإما الشهادة لمن قتلوا في سبيل الله؛ فهم أحياء عند ربهم يرزقون؛ وبحمد الله كان قتلى عباد المجوس بالعشرات والمئات.. وقتلانا بمشيئة الله ووعده غير متألين في الجنة؛ وهم بنسبة اثنين في مئة.. وأنا اليوم في فضلة العمر لا أملك إلا الجهاد القلمي، ولو كنت في الأشد لألقيت نفسي في المعمعة ملتمسا إحدى الحسنيين.. ولكن أتمنى أن تأخذ الدولة جميع أبنائي - وهم كثر - من أبناء ستة عشر عاما إلى خمسة وأربعين عاما، وتدربهم على الجهاد في سبيل الله قتالا لأعداء الله وأعدائنا؛ فعدو الله هو عدونا.
** داعش إسرائيل تدمر العالم:
قال أبو عبدالرحمن: لا أمل التذكير بأنه لا داعش في الوجود غير إسرائيل مهما تعددت الأسماء؛ فمنذ ظهرت (داعش) على وجه المعمورة: وددت أن أسمع من أي محلل سياسي متابع مستوعب عريض التجربة إفادة عن أهداف (داعش) في إزهاقها النفوس جماعيا، وإحراقها كل أرض وطأت عليها، وتسويتها البيوت والمنشآت بوجه الأرض؛ وهذه التسوية وتلك الإبادة تشاهدونها في كل لحظة في كل الفضائيات، وليس يستثنى من هذه الجرائم إلا أراضي فلسطين التي احتلتها (إسرائيل) التي هي يهود وصهاينة (الخزر)، وبلدان (روسيا) و (الصين): إما عجزا -؛ وذلك هو الأقل بالنسبة إلى (الصين)، وإما وفاقا؛ لأن الهدف (الذي سأذكره بعد قليل إن شاء الله) واحد.. إن العمل الداعشي تدميرا وإبادة ذو هدف واحد صادر عن عقيدة واحدة؛ فأمريكا مهددة باختراق داعش (الصهوينة العالمية، أو الصهيونية اليهودية الأخص؛ فهي[أي أمريكا] المستعمرة الكبرى لليهود).. والدول الوثنية، والدول التي لا تؤمن بالله أصلا على طريقة عاد وثمود كما في روسيا والصين: مرحب بهم لدى يهود؛ لأنهم على ضلال؛ وإنما الخطر من ذي الدين الصحيح، ومن كان نصرانيا (ويهود أشد عداوة للنصارى) كما في روسيا أيضا وبقية بلدان العالم: لم يتخلصوا من نير اليهود الذين أفسدوا دينهم، وربوهم على العنف وقسوة القلوب كما أسلفت لكم ذلك من عتاب الله للنصارى؛ إذ تابعوا اليهود وهو قد حذرهم ذلك في عدد من الآيات بسورة المائدة بعد أن كانوا أكثر الناس مودة للمسلمين، وبعد أن بين الله تعالى أن أشدهم عداوة اليهود والذين أشركوا.
قال أبو عبدالرحمن: أبدأ بالعقيدة أولا؛ وهي الإيمان بأن انتصار اليهود على كل العالم لا يكون إلا بعد كل الانحلال من كل دين جاء من عند الله مما ضح في التوراة والإنجيل مما هو بأيدي الطائفتين من أهل الكتاب، ومما جاء في القرآن الكريم،وفي بيان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي صح دلالة وثبوتا - أي في هذين المصدرين اللذين تكفل الله بحفظهما؛ فلا يلتبسان بما انتحله الكذبة -؛ وهذه المصادر الأربعة (اثنتان في أيدي أهل الكتاب؛ وهما التوراة والإنجيل، واثنان؛ وهما الحق المبين المعصوم بأيدي المسلمين).. إلا أن موقف المعتقد الداعشي الصهيوني مختلف مع تلك المصادر الأربعة، وتأتي مناسبة إن شاء الله تعالى لتحقيق ذلك.
***
* من أخوات (فوكاي):
للشاعر الرومانتيكي الوديع (محمود حسن إسماعيل) مقطع حلولي اتحادي على منهج جلال الدين الرومي وسعدي الشيرازي بعنوان (الله) يقول فيها:
(مع الله):
[إلهي رأيتك.
إلهي، وفي كل شيء رأيتك.
إلهي سمعتك.
إلهي وفي كل شيء سمعتك.
رأيتك في كل حي.
سمعتك في كل شيء.
وفي كل أفق بروحي شهدتك.
تعاليت لم يبد شيء لعيني.
تعاليت لم يهف صوت بأذني.
ولكن نورا بقلبي يطل.
ومن طيفه كل نور يهل]
الأعمال الكاملة للشاعر محمود حسن إسماعيل / ط الهيئة المصرية العامة للكتاب / طبعتهم الثانية عام 2008 م 3/416-417.. على أن هذا المقطع قابل تأويلا لا نكارة فيه؛ وهو أن يكون على منهج قول أبي العتاهية؛ ونسب إلى صالح بن عبدالقدوس؛ ونسبته إلى أبي العتاهية أكثر وأرجح؛ ولعل ابن عبدالقدوس متمثلا به؛ وهو:
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
إلا أن ملاحظة المصدر الحلولي أظهر.. ومن أخوات (فوكاي) أغلب شعر الرومانسي الخواجي (وليم ورد زورث) [1770 - 1850] الذي ألفت من أجل رومانسيته كتابي العجيب (هكذا علمني ورد زورث)؛ فمن ذلك أبيات: [تقدم في نور الأشياء.
ولتكن الطبيعة معلمك.
إن لها عالما من الثروة الميسورة.
يبارك عقولنا وقلوبنا.
حكمة تلقائية تنفسها العافية.
حقيقة يتنفسها البشر.
حافز واحد من غابة في الربيع.
قد يعلمك عن الشر.
وعن الشر والخير.
أكثر مما يستطيع الحكماء أجمعون.
ما أبدع المعرفة التي تأتي بها الطبيعة.
إن عقولنا المتطفلة.
تشوه أشكال الأشياء البديعة.
إننا نقتل لنشرح.
كفانا علما وفنا.
اطو تلك الصفحات العميقة.
وتقدم معي.
بفؤاد يرتقب ويستجيب].
وله أبيات كتبها أثناء جولة له على بعد عدة أميال من (دير تنترن) في 13 يوليو عام 1798 عند العودة لزيارة شواطئ نهر الوادي.. قال:
[خمسة أعوام مضت.. خمسة من فصول الصيف.
ومثلها من فصول الشتاء الطويلة؛ وها أنذا أسمع مرة أخرى.
هذه المياه تنساب من منابعها الجبلية.
محدثة خريرا هادئا من داخل الأرض، ومرة أخرى.
أبصر هذه الصخور السامقة النبيلة،
التي تضفي على هذا المكان الموحش المنعزل
إحساسا أعمق بالعزلة، وتصل
ما بين الأرض وسكون السماء.
ها قد جاء اليوم الذي أجد فيه الراحة مرة أخرى.
هنا تحت شجرة الجميز المعتمة هذه، وأجيل البصر.
حولي في هذه الأرض التي تقتسمها أكواخ متباعدة،
وفي أغصان البساتين المحملة في هذا الفصل بفاكهة لم تنضج بعد، فتدثرت بخضرة واحدة، وتاهت بين الأيك والخمائل.
وها أنذا من جديد أرى هذه الأسيجة وكأنها
لم تعد أسوارا، بل صفوف صغيرة من الشجيرات البرية
تناثرت في مرح عابث: هذه المزارع الريفية
المكتسية بالخضرة حتى عتبات بيوتها؛ وأكاليل الدخان
المتصاعدة في سكون بين الأشجار: تكاد لا ترى،
وكأنها أنفاس نار أوقدها بعض الرحل .
كان ذاك اليوم يوما أغبرا [الصواب: أغبر] لو أنني فيه اكتأبت
بينما الأرض رواء في رواء
نمقت بالحسن وجه الصبح من زهر الربيع
والصبا يمرح في كل الروابي
والزهور العاطرات انتشرت
في سهول قد ترامين فساحا
وشعاع الشمس إشراق ودفء
والوليد الطفل، ما بين ذراعي أمه يقفز قفزا
إنني أسمع نشوانا أغاريد الطرب
إنني أسمعها.. أسمعها
غير أني من بعيد، قد لمحت
روضة وشجرة
يهمسان بحديث عن عهود خاليات
وكذا الزهر روى من تحت أقدامي
هذه القصة لي:
أين ضاع الخلب البراق قد لاح لعيني؟
أين أحلامي ومجدي؟.]
وبعد هذا القلق اليائس قال:
[إنما الميلاد إغفاءة نوم.
أو تراه بعض نسيان.
هذه الروح التي تشرق فينا كوكبا:
غربت قبلا بأفق آخر.
وأتت تسبح من صقع قصيين].. إن هذه الأشطر الأربعة تلخيص يائس للمجالي الباسمة التي سلفت؛ فهي غروب لا إشراق بعده؛ لصبح ينمق زهر الربيع؛ فيمرح الضبا في كل الروابي؛ وهذا هو بعينه النهاية اليائسة [بالياء ذات النقطتين التحتيتين] البائسة [بالباء التحتية ذات الواحدة من أسفل] التي سردتها عليكم في الأسبوع قبل الأسبوع الماضي؛ وهذا يذكرني بإحدى الأخوات عن قصيدة شاعر المقاومة [؟!] محمود درويش التي كتبت عنها منذ سنوات يقول فيها:
[أنا اسم بلا لقب.
سجل برأس الصفحة الأولى.
أنا لا أكره الناس.
ولا أسطو على أحد.
ولكني إذا ما جعت.
آكل لحم مغتصبي.
حذار حذار من جوعي.
ومن غضبي]
القصيدة بعنوان (بطاقة بلا هوية؛ وهو عنوان يليق بضياع الدرويش:
[سجل!.
أنا عربي.
أنا اسم بلا لقب.
صبور في بلاد كل ما فيها.
يعيش بفورة الغضب.
جذوري..
قبل ميلاد الزمان رست.
وقبل تفتح الحقب.
وقبل السرو والزيتون.
.. وقبل ترعرع العشب.
أبي.. من أسرة المحراث.
لا من سادة نجب.
وجدي.. كان فلاحا.
بلا حسب.. ولا نسب!.
يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب.
وبيتي كوخ ناطور.
من الأعواد والقصب.
فهل ترضيك منزلتي؟.
أنا اسم بلا لقب!.
سجل.
أنا عربي.
سلبت كروم أجدادي.
وأرضا كنت أفلحها.
أنا وجميع أولادي.
ولم تترك لنا.. ولكل أحفادي.
سوى هذي الصخور..
فهل ستأخذها.
حكومتكم.. كما قيلا؟!.
إذن!.
سجل... برأس الصفحة الأولى.
أنا لا أكره الناس.
ولا أسطو على أحد.
ولكني.. إذا ما جعت.
آكل لحم مغتصبي.
حذار.. حذار.. من جوعي.
ومن غضبي!!].
وتذكرت أيضا مداخلة لي مع الأستاذ الدكتور الطلعة الغذامي أعاده الله إلى ما أوده لنفسي وله ولإخواني المسلمين من السبح مع كتاب الله الكريم، والسنة النبوية المطهرة الصحيحة دلالة وثبوتا يقينا أو رجحانا؛ فوالله أيها الأخ العزيز في نفسي (أخي الغذامي): إن ذلك السبح هو النعيم المعجل إذا جعلنا المصدرين الكريمين هما خلقنا؛ فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ووالله أيها الأخ الكريم لم يبق في العمر مثل ما مضى، ونحن بحاجة إلى ما نتوسل به عند ربنا، ونستمطر به رحمته يوم يقوم الأشهاد، ونحن بحاجة (ويالها من حاجة) إلى أنيس في قبورنا؛ وذلك هو العمل الصالح الخالص لوجه ربنا الكريم؛ وإنك والله يا غذامي: لكتلة مواهب؛ فبهذه التأكيدات آسى وآسى وآسى أن تحصرها في ثلمة هذه البنيوية العبثية!!.. وذلك النص الذي لمت عليه أخي الدكتور الغذامي هو قصة الطبق والفضة.. قال: قال بائع الخردة:
[الطبق فضة.
هو اسم بلا لقب]
قال أبو عبدالرحمن: فقلت كما قال الأستاذ الغذامي تماما تماما عن نص (أنا عربي.. أنا اسم بلا لقب):
[بسم الله الرحمن الرحيم:
هو إذن فضة.
إذن هو اسم.
إذن هو موجود!!].
فكي يكون موجودا لابد أن يكون اسما (فضة)، ولكي يكون اسما لا بد أن يكون فضة.. وكون الفضة اسما هو ارتفاع بها إلى مستوى الثبات والتلاحم العضوي!!.. وهذا استوجب نفي كون الفضة لقبا؛ لأن من شأن اللقب عدم الثبات.. أما الاسم فثابت؛ كذلك جاءت كلمة فضة خبرا لمبتدإ؛ وهذا المبتدأ هو الضمير (هو)؛ ومن شأن الخبر أن يمنح المبتدأ وجودا؛ إذ لا قيمة لمبتدإ بلا خبر؛ كما أن كلمة فضة جاءت غير معرفة بـ (ال) مما يعني أن (هو) جزء من خبره؛ فالمتكلم جزء يسعى إلى الدخول إلى كل يشمله؛ وهذا الكل [الكل والغير والبعض صحيحة لغة؛ لأنها ترفع بعض النكارة، وتحقق بعض التعريف]: يتجسد في كلمة (فضة).. إلخ.. إلخ.. إلخ.. إلخ.. إلخ].. انتهى.
قال أبو عبدالرحمن (الطبق فضة) من عادي العادي؛ وما أجراه الدكتور الغذامي على النص الأدبي أجريته على الكلام العادي بلا تناقض؛ فما وجدت أن هذا الإجراء البنيوي منحني إحساسا بالقيم الفنية، أو فرقا بين العادي والفني.. وكان سؤالي آنذاك: هل نفهم من هذا: أن البنيوية تتعلق بعموم الكلام من غير فرق بين عاديه وفنيه؟.. هل نفهم أن (سجل أنا عربي) في قيمة (الطبق فضة) في التقويم البنيوي؟؟.
قال أبو عبدالرحمن: إن كانت زيادة (سجل) ذات أثر، وكذلك ضمير (هو) يفترق فرقا مؤثرا عن ضمير (أنا):جئت له بعادي من القول فيه ضمير (أنا) وزيادة تكون على وزن (سجل).. سلمنا أن هذا التنازل لتحليل الكلام..إلا أنه تحليل مغلوط مدعى لا تقره علوم الدلالة؛ فالعربي وصف لا اسم؛ لأنه اتصف بالانتساب إلى جنس، ولأنك تصف الرجل أو المرأة بالعروبة فتقول: مررت برجل عربي.. والاسم يوصف ولا يوصف به فلا تقول: (مررت برجل زيد) على أن زيدا وصف لرجل.. هذه واحدة، والله المستعان، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.