أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: هي مَسْرَحِيَّةٌ كتبها سَيِّئُ الذِّكرِ (يوسف الخال) فيما بين عامي 1947م و1951م، وعمره بين سبعة وعشرين عاماً، وواحد وثلاثين عاماً.. التزم فيها القافية المتنوِّعةَ، والبحر الواحد؛ وهو البحر الخفيف.. نظمها في بيروت، وطرابلس الغرب،
ونيويورك في أوقاتٍ مُتَقَطِّعَةٍ؛ وموجز القصة من (إنجيل مَتَّى): أن الطاغية (هيرودس) تزوج من ابنة الحارث ملك دمشق، ثم ردها إلى أهلها بعد أن وقع في غرام (هيروديا) ابنة أخيه (فيلبس)؛ وهذا يعارض شريعةَ موسى عليه السلام، وكان جزاء (يوحنا) السجن؛ لإنكاره ذلك.. بيد أن (سالومة) ابنة زوجته التي هي ابنة أخيه: أغرتْه بجمالها ورقَّصهافي ليلة عيد ميلاده بتدبير أمها؛ وكانت ليلةً داعرة معربدة طلبت ثمن حُبِّها رأسَ (يوحنَّا)؛ وكان تمنُّعه من قتله خوفاً من ثورة الشعب.. ويضيف التاريخ إلى الإنجيل: أن الشعب السوري ثار، فخلع الرومانُ طاغيتَهم مؤقتاً.. والخال في مقدمته عام 1954م: يعلن براءته مستقبلاً من مثل هذا الشعر العمودي العتيق؛ ولهذا نُشِرتْ المسرحيةُ في الديوان على هيئة بعر الكبش؛ وقد نال الخال بهذه المسرحية شهرة؛ ولأحدثكم بقصة الوجدان المريض مضموناً وفناً:أتلو عليكم ما يلي:
1- وقت نظم المسرحية كان العالَم العربي على الرُّغْمِ من ضعفه في حالة استقرارٍ داخلي.. لم تكن كراسيُّ الحكم ملاعبَ للأطماع، ولم تُفْدَحُ الأُمَّةُ بالثورات التي أنهكتها أكثرَ من جميع حروبها العسكرية.. والغرض من تفخيم هذه القصة بمسرحية شعرية مطولة: إنما هو تسويغ الثورات.
2- الخال مخلص لنصرانيته بلا ريب، ولكنه مُضَلَّلٌ بصيغة اسم المفعول في دينه؛ ولهذا كانت مسرحية الخال تعبيراً عن نوايا..[نوايا صحيحةٌ كمطايا وهدايا جَمْعَ مَطِيَّةٍ وهَدِّيةً؛ ولا تُعَرِّج على حَذْلَقَة الْمُتَنطِّعين؛ فأنت تريد معنى الكثرة؛ ولا تَتَحقَّقُ الكثْرةُ في نِيَّات] اليهودِ من حيثُ لا يشعر؛ فنحن نجد في المسرحية أنَّ اليهود هُمُ أبطالُ الموقف، وهم الثائرون على الطاغية المنتصفون لِـ(يُوْحَنّْا)؛ فعندما قال هيرودس في المشهد الأول من الفصل الثاني:
[أنا هيرود موطئي جبهة الشمس]:
قال يهودي بمثاليةٍ ساخرة:
[مولاي أم قلوب الغواني؟
مالنا والشموس؟!!]: وعندما قال هيرودس: [أين سيف الأقدار من صولجاني؟]: قال أحد اليهود: [هِيه لولاه لم يُعَفَّر جبين
في تراب ولم تكبل يدان
لا ولا كان في يهوذا حُسام
قيصريٌّ وفاتحٌ رومانيٌّ.. أنت مولى أجلْ؟!]:
وعندما قال (رومانيان قائدان): [كل وجهٍ نعلٌ لقيصرَ في الأرضِ.. سلاماً؛ فنعل قيصر دنيا]:
قال اليهودي: [كل وجه تقول؟.. ما وجه إسرائيل نعل..]:
إلى أن يقول: [نحن فجرٌ في ليل رومة.. هَلّْا.
وقديماً لنا على ملعب الدهرِ.
جناحٌ طوى العصور وجلَّى.
ما عليه إذا ما تمرَّد فارتدَّ.
عياءً وجِدّْاً وسعياً.. فكلا:
وارتمى خائراً يُضَمِّد بالصبر جراحا]: وعندما قطع هيرودس الخصام بقوله:
[لا خصام بين الأحبة يوريه جِدالاً مُنَمَّقاً وهراءً]:
قال اليهودي: [وهراءُ؟!.
ما لروما من بعد إسرائيل.
فَتْحٌ مظفَّر ولواءُ].
قال أبو عبدالرحمن: ويتقزَّز يهودي من رقص سالُومَةَ بقوله: [يالعاري!]: ويتقزز آخر بقوله: [ويا لذلة إسرائيل !]: ويتقزز ثالث من طلب (سالومه) رأس المَعْمَدان بقوله: ويلاه!.. يوحنانا ؟!].
قال أبو عبدالرحمن: فالمسرحية تمجيدٌ لشرف موقف اليهود في استنكار الخلاعة والقتل، ومحاورةِ الطاغية، ثم الثأرِ ليوحنا؛ فلو صح هذا -وهو لا يصح- ما حُقَّ لِـمَنْ يدَّعي العروبة والمواطنة أنْ يبني هذه الأمجاد على دماء وجراح أمته في ظرف 1947-1953م والعرب في التحام مع عدوهم؛ وفوق هذا فهذا السياق تزييف للتاريخ؛ لأن بني إسرائيل كذَّبوا أنبياءهم، وعادَوْا يحيى قبل أن يُعادوا عيسى بن مريم عليهم السلام؛ ودبَّروا مكيدة قتل(يوحنا) في قصر الطاغية؛ ليتخلصوا من يحيى، ثم يثوروا ويقيموا الْمَأْتَمَ ليتخلصوا من طاغية الرومان.. والمسرحية الناجحة: هي التي تستلهم دلالة التصحيح التاريخي، ولا تقف عند قشوره.. ولا يسوِّغ هذا السياقَ إشارةٌ في آخر النص قد يُفْهم منها إدانةُ اليهود.
قال أبو عبدالرحمن: في كُتُب العهدين القديم والجديد ما نقطع بصحته، وأنَّ معناه من عند الله، وهو ما وافق خبرَ ربنا المعصومُ نقْلُه في القرآن الكريم والسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ الْـقَطْعِيّْيَيْنِ دلالة وثبوتاً؛ وهما الشاهدان لما بين أيديهم مِن كتابٍ والشاهدان عليه في آنٍ واحدٍ: أنَّه مِن عند الله، أو مما افْتَروه واشتروا به ثَمَناً قليلاً.. وفيها ما نقطع بكذبه، وأنه من وضع البشر، وليس من عند الله؛ وهو ما خالف خبرَ ربنا، أو أحاله العقلُ والحس.. وفيها ما لا يحل لنا فيه إلا التوقف؛ وهو ما لم يعارضه خبرُ ربنا، ولم يُقرُّه، ولم تُحِلْه ضرورة.. وقاتِلُ (يوحنا) هو ملك اليهود، ومقره الجليل من قبل الرومان؛ وهو (هيرودس) الطاغية الشهواني.. والإنجيلان إنما ذكرا قصة القتيل، وأن عيسى عليه السلام لما أخُبِر باشر أداء رسالته، ولم تَذْكر تلك الكتب ثورةَ اليهود على الطاغية؛ بل تذْكرْ شروحُ الأناجيل، وكتبُ التاريخ: أنَّ هذا الطاغية مات معذباً، واقتسم المُلْكَ أبناؤه الثلاثة، وما ذُكِر من عزل روما له إن كان ذلك بسبب قتل يوحنا: فهو عزْل مؤقت.. وكلام الله القرآن العظيم وهو أصدق الحديث: لم ينسب جريمةَ قتلِ الأنبياء لغير اليهود؛ فهذه واحدةٌ.. والتاريخ يشهد أنهم وراء قتل يوحنا المعمدان، وأنهم تظاهروا بصُنْع الْـمَأْتَمِ بعد ذ لك.
قال أبو عبدالرحمن: انطلقت البداية الحقيقيَّةُ للصهيونية الدينية في العصر الحديث من أفكار الحاخام (يهودا القلعي).. (1798-1878م) الذي دعا إلى خلاص اليهود بالعودة إلى (التلمود)، وأساطير (القُبَّالاة)، واقترحَ في كراسته: (اِسْمَعِي يا إسرائيل) -شِمعي يسرائيل- التي نشرها عام 1834م: العودةَ إلى فلسطين تحت قيادة زعامة بشرية دون أيِّ انتظار للمسيح الْمُخلِّص، ودعا إلى إقامة مستعمرات يهودية في فلسطين؛ كي تكون مقدمة لظهوره؛ وبناء على حسابات كان قد أجراها اعتماداً على (القبَّالاة) توقع القلعي أن يظهر المسيحُ عام 1840م؛ ولما لم يحدث ما توقع: فقد غيَّر رأيه، وأعلن أنَّ الخلاص لا يمكن أن يأتي فجأة ومرة واحدة؛ وإنما ينبغي العمل بجدٍّ في سبيله، وأنَّ هذا الخلاص سيتم بالدعوة إلى عقد (جمعية كبرى) (كنيست جدولا)، وقيام صندوق قومي لشراء الأراضي؛ وهذه الأفكار هي نفسُها الأفكارُ التي تبنَّاها (هرتزل) فيما بعد.. وقد فسَّر في كتابه (الخلاصَ الثالث) الخلاصَ الجديد على أساس الاستيطان في فلسطين؛ بقصْدِ تعمير الأرض الخراب، وإحياء اللغة العبرية.. انظر (القوى الدينية في إسرائيل بين تكفير الدولة، ولعبةِ السياسة) للدكتور رشاد عبدالله الشامي /عالَم المعرفة ص86).
قال أبو عبدالرحمن: وقفزتْ الصهيونيةُ الدينية قفزةً كبيرة إلى الأمام بأفكار الرابي.. [لعلها تعريب لكلمة (رابان) Robbin التي تُتَرجم بالرباني أو الحاخام، أو الحَبْر: مرتبةٌ دينية في اليهودية [د البقاعي] ] (أفراهام إسحق كوك)؛ فتبلورت بفضل أفكاره الكيديَّةِ؛ لأوَّلِ مرة فلسفةٌ شاملة للصهيونية الدينية، وعَمِل هو بنفسِه على نشر هذه الأفكار، وترجَمَها إلى واقع عملي عبر تأسيسه عام 1924م مدرسةَ (مركاز هَراف) الدينية التي تُعْتبرُ أولُ مدرسة صهيونية دينية في إسرائيل؛ و[هي] التي تخرَّج فيها الآلاف من دعاة الصهيونية الدينية، وعلى رأسهم زعماء حركة (جوش أيمونيم)انظر [ القوى الدينية في إسرائيل ص89.]
قال أبو عبدالرحمن: وإليكم ما قاله الْـمُفَكِّرُ اليهودي (جي نوبيرجر) الذي أمضى حياته في مكافحة الصهيونية: (كانت الصهيونية منذ بداية عهدها نتيجة (الَّلاساميَّة).. [أي غير السَّامِيَّةِ؛ نِسْبَةً إلى سام بن نوحٍ.. على نوحٍ سلام الله وبركاتُه.. وسام لا أعلم شأنه مِن الإيمان؛ وهو مِمَّن نجا مع نوح في السفينةِ، وَتَبَلْبَلَتِ الألْسُنُ في ذريَّته، وكانت لغتُه في جزيرةِ العرب هي الْمَرجِعَ لكلِّ لُغاتِ العالم؛ مِن جهةِ إرث لغةِ آدم عليه السلام التي هي تعليم من الله سبحانه وتعالى ]، ومنسجمة.. [ الأفصحُ بدون واو عَطْفٍ؛ لأنه لا عَطْفَ بين الموصوف والصفة.. وله مَخْرَجٌ بأنْ يقول: وهي مُنْسَجِمَةٌ] معها؛ ذلك أنَّ لهما هدفاً مشتركاً هو جمْعُ يهودِ العالمِ في الدولة الصهيونية.. أي استئصالُهم من الْمُجتمعات التي كانوا يعيشون فيها مئات الأعوام، ولربما أُلوفها.. وهكذا حلَّ محلَّ ولاءِ اليهودي لربه ولاؤه للدولة الصهيونية.. أما الإيمان بالتوراةِ، وأداءِ الالتزامات والواجبات الدينية: فهو في نظر الصهيونيين مسألةٌ شخصية، وليس واجباً مقدساً على كل يهودي، أو على الشعب اليهودي كمجموع).. [انظر القوى الدينيةُ في إسرائيل ص 20]. قال أبو عبدالرحمن: الصواب: الشعب اليهودي جميعاً، وكاف التشبيه عند إرادة الوصف المطابِق لحن قبيح تفشَّى في أقوال المعاصرين.. واليهودي الْمُعادي الصُّهيونيَّةَ أقلُّ خُبْثاً، ولكنه يَظَلُّ عُدْوانيَّ الطبع؛ لأن مصادر دينه الْمُحرَّفة ولاهوته الطبيعي المصنوع: مشحونان باستبطان الشرِّ، والحثِّ على العدوانِ.. ونقَل الْمَصْدَرُ الْمذكورُ آنِفاً ص 15: أنَّ الْمُفَكِّر الإسرائيلي (إمنون روبنشتاين): يرى أنَّ هناك عاملين غذَّيا الصحوة القومية اليهودية في نهاية القرن التاسع عشر؛ وهما: الانجذاب نحو صهيون، ورفض الانصهار.. وفي نفسِ المصدر ص 125: أنَّ اليهوديةَ الأرثوذكسيةَ المتشدِّدةَ (الحريدية) الْمَسيحانية الْتي تُعارِض الصهيونيةَ، ودَوْلَةَ إسرائيل: كان رفضها للصهيونية؛ رداً على استخدام الصهيونية الدين اليهوديَّ: وكانت تنطِلقُ مِن كونِ الصهيونيين يُـخفون الملابس الصهيونية القذرة والفجة.. [الصواب: بلا واو عطف] تحت ثياب طاهرة ومقدسة.. [الصواب: بلا واو عطف]؛ ولذلك فإنهم لا يسيرون على هَدْي تعاليمِ الدين، والشريعة اليهودية الحقَّة.. ويرى هؤلاء اليهود الأرثوذكس المسيحانيون الذين يُعاون الصهيونيةَ: أنه كما أن النبي (إرميا) قد تنبَّأ بالْمَكروه لمعاصريه ممن استسلموا لخديعة الأنبياء المزيَّفين؛ فإن ما يحدث في العصر الحديث: هو تكرارٌ لتجربةِ إرميا؛ حيث.. [استخدام حيث لا يكون للتعليل، والصواب أن يقال: لأن كثيراً من اليهود، أو إذْ إنَّ [د البقاعي].. قال أبوعبدالرحمن: والأفصح (كثيراً)؛ إذْ هذا هو المسموع، وهو لغة القرآن الكريم.. والتعليل مفهوم من الجملة لا من دلالة (حيث)]: أنَّ الكثيرين [الصوابُ: كثيراً] من اليهود انجرفوا وراء أمواج الكلمات، وخُطَبِ الدعاة الصهاينة الذين يمثلون الأنبياء المزيفين»..
قال أبو عبدالرحمن: انظروا بارك الله فيكم كيف استباحتْ يهودُ الإفسادَ في الأرضِ، وإزهاق النفوسِ، وتهديمَ البيوتِ، ونسبوا ذلك إلى شرع الله ظلماً وزوراً.. واستباحوا غزو العالَم - ولاسيما النصارى والْمُسلمون بالمحرماتِ مِن الْمُخدِّرات والخمور والنساءِ سفاحاً لا نكاحاً، وزعموا: أنَّ الْمَلِكَ الداوودي الذي يحكم العالم ألف عام، ويُهْلِكُ ثُلُثَيْهِمْ في سفح جبل (صهيون) الذي لا يكاد يَتَّسِعُ لأكْثَرَ من ثلاثة آلاف فارسِ؟!!.. ومَلِكُهُمْ الداوودي هو الْمِسْيا الْمُنْتظَر، وما هو إلا الْمَسِيحُ الدَّجال، وقَدَرُه في شرْعِ الله خاسِئٌ؛ وما مُدَّتُه سوى أربعين يوماً، وقد جعل الله للمؤمنين ولمكة والْمَدِينَةَ عصمةً منه، وجعل الحفاظ على الأدعية ولا سيما آياتٌ من سورة الكهف يوم الْجُمعَةِ مدى الْعْمرِ تَخْسِيَةً له وعصمةً منه.. وَغَرَّرُوا بالنصارى؛ فقالوا لهم: (ذلك هو المسيح بن مريم)، وهو الذي يحكْمُ العالم أَلْفَ عام بعد المعركة الفاصِلَةِ.. معركَةِ هرمَجدُّن.. واستعجلوا أَمْرَ الله في قيامِ الساعة وقد ثَقُلَتْ في السمواتِ والأرض لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يستعْجِلُه كُفْرُ يهودَ الذين استباحُوا كلَّ مُـحَرَّم.. ثم انظروا اليوم كلِّ فتنة في العالَمِ ابتداءً من إعلانِ أهل الكتاب جميعاً العداء للمُسْلِمين وغَزْوِهم منذُ (غورباتشوف) وإعادة البناء.. إلى ابتلاع العراق.. إلى تعرية حدود الاحتلال اليهودي شرقاً وغرباً وجنوباً، وهُوُ مُعَرَّى بأهل الكتاب الآخرين بحوض البحر إلى ماوراءه جنوبَ فرنسا.. وخلال تلك الْعُقُوْدِ: قُنِّن للسِّفاح في قوانينهم الوضعية، وجُعِل له في نفس القوانين أَطِبَّاءُ يُشْرِفُون على صِحَّةِ المومسات، ومَحَاكِمُ قانُونِيَّةٌ تُخَلِّصُ حقوقَهم من أَخْدانهم إذا جَحَدُوْها أو انتقصوها، وقلْ مِثْلَ ذلك عن الخمورِ، فكان عَلَنُ الأُمَّةُ في حضيض الغيِّ من اشتراكيةٍ مُعْتَدِلة؟!.. إلى اشتراكِيَّةٍ فوضوية.. إلى ما ركسيةٍ حمراء.. إلى وطنِيَّةٍ أو قومِيَّةٍ أو بعثيَّةٍ لا تَحْمِلُ شيئاً مِن همومَ الآخرة.. والله تَوَعَّدَ عبادَه في مِثْلِ هذا الحضيضِ: أنْ يُذِيقَ بعضَهم بأس بعض، وأنْ يلْبِسَهمْ شيعاً، وأنْذرهم فِتْنَةً لا تصيبَنَّ الذين ظلموا منهم خاصةً، ثم يُبْعثون يومَ القيامَةِ على نِيَّاتهم، ولا يظلم ربُّك أحداً، والعقبى أخيراً لِمَنْ يَعُضُّون علدينهم بالنواجذ.. واذكروا بارك الله فيكم ما قَصَّهُ الله من قول موسى عليه السلام: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} (155 سورة الأعراف)، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله الْمُسْتَعانُ.