أحمد الناصر الأحمد
بعض الشعراء لا يمنح -حين كتابة نصه- اهتماماً كافياً لشريحة واسعة وهامة من المتلقين المتعطشين للشعر، حيث يوغل في الرمز ويذهب بعيداً في مفردات وصور وأفكار قصيدته عن أذهان قطاع واسع من محبي الشعر بحيث تستعصي قصيدته على إفهامهم وتتباعد عن عقولهم وتتجافى مع عواطفهم وأحاسيسهم مما يدفعهم لصرف النظر عنها والبحث عن قصيدة أخرى قريبة من فهمهم وغير عصيّة على عقولهم.
قلة من الشعراء الشعبيين الذين يكتبون القصيدة الشعبية بشكلها العمودي المعروف وكثرة من شعراء التفعيلة أو الحر ينطلقون من عوالم تبتعد عن أرض الواقع بمعايير المتلقي العادي وتتجه بوصلة قصائدهم نحو النُخب فقط مما يفقد نصوصهم تأثيرها لدى قطاعات واسعة من الناس المُحبة للشعر البعيد عن التعقيد الشديد والطلسمة المبهة!.
في ظني أن من أهم واجبات الشاعر أن يترك للمتلقي العاشق للشعر منافذ متاحة يلج من خلالها على فضاءات نصه وبالتالي تحفزه للإبحار والمغامرة من أجل فهم بقية النص لأن النص المُغلق هو حصن مهجور لا يسبر أغواره ويعرف موجوداته ودواخله إلا من صممه وسكن فيه أوعاش في حصن مشابها له!.
لست من دعاة العادية في الشعر والابتذالة من أجل أن يفهمه كل إنسان محب الشعر وكارهه!.. لكني منحاز لكل شاعر واع يمنح المتلقي بعض مفاتيح نصه أو يدله على بعض منافذه من أجل أن يشاركه عملية الإبحار والدهشة داخل النص وبالتالي فهمه.. أو فهم الكثير من مكوناته الفنية والإبداعية.. كما أنني لست مع النص الشعبي المغلق الموجه للنخبة رغم شكي بفهم الكثير منهم له!.