أحمد الناصر الأحمد
داخل البيوت الطينية والشعبية قبل أكثر من ثلاثة عقود كانت سهرات الأسر عامرة في الحكايات والقصص.. وكان كبارالسن من الآباء والأمهات والأجداد والجدات يتصدرون هذه السهرات (التعاليل) ويروون ما تيسر لهم من الحكايات قبل أن ينصرف أفراد الأسرة للنوم مبكرا.. القصص أو الـ(السباحين) ومفردها سبحانية أو سبحونة حسب المنطقة التي تروى فيها.. كانت تعتمد في الكثير من تفاصيلها على الأساطير وفي أحداثها مبالغات يعرفها من سمعها وعايشها ولايخلو بعضها من قصائد شعرية تدعم أحداثها وتذكي خيال مستمعيها.. في الغالب جل المنصتين لهذه الأساطير والحكايات هم من المراهقين وصغار السن الذين يرحلون بخيالاتهم مع أحداثها ويتلهفون لتفاصيلها الكثيرة.. سطح البيت الطيني في الصيف هو المسرح الأكثر احتضانا لمثل هذه السهرات الجميلة والبسيطة والموحية.. وعندما تعجب إحدى الحكايات بعض أفراد الأسرة يطلبون من من رواها إعادتها في سهرات لاحقة ويلبي طلبهم بنفس راضية فلاهو يمل من التكرار ولاهم يملون من الاستماع !.
كانت (السباحين) ورديفها الألغار أو الأحاجي أو الحجاوي سمها ماشئت هي المتنفس والمُرفه وقاطرة الخيال التي تنقلهم بعيدا عن واقعهم.. حيث الحكايات تذكي خيالهم والأحاجي تستفز ذكاءهم من أجل العثور على حلها.
قلة من الأدباء المشتغلين في التراث الشعبي اهتموا بهذا الجانب المهم من الثقافة الشعبية ودونوا الكثير منه ويأتي في مقدمتهم الأديب عبدالكريم الجهيمان رحمه الله في مؤلفه (الأساطير الشعبية في الجزيرة العربية) كذلك لا أنسى جهد الأستاذ ابراهيم الطامي رحمه الله في مؤلفه (نزهة النفس الأديبة في القصص والحكايات العجيبة) وغيرهما ممن كان له جهدا مشكورا في هذا الجانب.