أحمد الناصر الأحمد
قلة من القصائد تستوقفك.. تأخذك إلى فضاءات الدهشة.. تفتح لك أمداء واسعة للخيال الممزوج بالواقع!.. أو الواقع المستشرف للخيال !.. تمنحك درسا مهما عن حزن النبلاء وشجن الفرسان.
من هذه الفرائد قصيدة بدر بن عبدالمحسن.. (تعبت اسافر في عروقي ومليّت..). في القصيدة فلسفة عميقة وحبكة أنيقة وسفر شفيف لفارس عشق المغامرة حتى وإن كانت للداخل.. داخل النفس.. للعمق. .عمق الإنسان.. هي مغامرة صعبة جدا على الكثير من الشعراء لكن بدر بن عبدالمحسن اجتازها بامتياز رغم حزنها ووحشتها ووعورة طرقاتها وصعوبة الإجابة على أسئلتها.
يقول البدر:
تعبت أسافر في عروقي ومليت
من جلدي اللي لو عصيته غصبني
ياما تجاوزت الجسد واستقليت
عن الألم.. لاشك جرحي غلبني
أنا سجين الحال مهما تسليت
وانا الطليق وكل شيٍٍ قضبني
حريتي لاعل. .يا كود ياليت
ما شفت حي ٍ جاد لي ماسلبني
تمازج جميل للشعر والفكر والفلسفة.. وصراع محتدم بين ماهو أمنية والواقع.. الاحتدام والتضاد والأسئلة المتشظية هنا أعمق مما قد يتخيل القاريء وأبعد مما أظن أنا !.. وأظن شفرتها ملكية خاصة للبدر.. أما نحن فيكفينا دهشة الإبحار.. ورجفة الجرأة من المغامرة.
يواصل بدر نزفه وعزفه حيث يقول:
وليت يا ليل التباريح وليت
اما محاني الحزن والاكتبني
كل السما في دفتري وان تجليت
مثل الشموس.. غبار قبري حجبني
لي صاحب وان ما تخلى تخليت
لا بد ما نهدم. .ولا بد نبني