فوزية الجار الله
في ذاكرتي عدد لا بأس به من المذيعات والمذيعين المميزين جداً سواء كانوا عرباً أو ما عداهم من جنسيات أخرى ظهروا في وسائل الإعلام على فترات زمنية مختلفة، وربما يتصدر المشهد ذلك المذيع الذي نراه عبر الشاشات التلفزيونية التي لابد أن تصافحك ماثلة للعيان في كافة البيوت بدءاً من أكثر البيوت تواضعاً إلى أكبر القصور، هذا عدا أنك لابد أن تراها في المطاعم والمقاهي، على متن الطائرة وفي بعض السيارات الفارهة، وأيضاً في الحوانيت النائية الصغيرة وفي «صوالين» الحلاقة. ولست هنا بصدد حصر تلك الأسماء المميزة، لكنني أود الحديث عن أمر آخر يتعلق بهم وهو تلك الأخطاء والعثرات التي لابد أن تصدر عنهم.
تتفاوت أخطاء المذيعين أثناء تقديم عملهم، وتبدو أكثر وضوحاً للعيان في تلك البرامج التي تقدم على الهواء مباشرة منها أخطاء طريفة مضحكة، وهناك أخطاء أخرى تحدث بسبب نقص الخبرة والاحترافية، وكلما كان المذيع صادقاً مع ذاته ومع المشاهدين كان أكثر اقتراباً منهم وكانوا أكثر انسجاماً واستمتاعاً بما يقدمه، وبالتالي أكثر تقبلاً لأخطائه العفوية، أتذكر مرة أن «أوبرا وينفري» في إحدى حلقات برنامجها الشهير قالت ضاحكة (جئتكم اليوم على عجل كنت أركض طوال الطريق حتى كادت تسقط رموشي الصناعية!).. أيضاً أحد المذيعين من غير العرب، فوجئ به زميلاه على الهواء فجأة يشدّ علاّقة الملابس التي بقيت عالقة داخل السترة فيما يبدو أثناء ارتدائه لملابسه على عجل قبل القدوم لموقع العمل، وقد كانت مناسبة للضحك طويلاً ومن ثم متابعة البرنامج دون أدنى حرج.
تتفاوت أخطاء المذيعين والمذيعات لكن من أسوأ أخطائهم أو على الأصح سقطاتهم التي يمارسها أحدهم بمنتهى الوعي واليقظة هو أن يفرض رأيه الشخصي على الجمهور في أمر هام هو في حقيقته قضية عامة لا يحق له شخصنتها، حيث لم يعتمد على إحصائيات أو دراسات وإنما مجرد رأي عابر بناء على انطباع ذاتي.
في الفترة الماضية خلال أحد البرامج الصباحية الحوارية في إحدى القنوات العربية، كان الحديث حول العائلة السعودية التي تم الاعتداء عليها من قبل موظفي المطار في تركيا، تحدثت المذيعة عن تجربة خاصة لها حدثت أثناء زيارتها لتركيا، كان سائق التاكسي التركي شديد العنصرية ضد الجنس العربي حيث تحدث عنهم بصفاقة، تقول المذيعة: وقد قررت بعدها عدم زيارة تركيا إطلاقاً، هكذا بمنتهى السطحية أطلقت حكماً عاماً على دولة بأكملها لا يقل عدد سكانها عن ثمانين مليوناً حسب آخر إحصائية اطلعت عليها، فقط من خلال تصرف فردي لسائق، مثل هذه المذيعة لا تعلم بأن الكثير من البسطاء يرون فيها نموذجاً للوعي والثقافة، وحين تتحدث بمثل هذه السطحية فما الذي تنتظره من أولئك البسطاء ما بين متابعين ومعجبين؟!.