د. محمد عبدالله العوين
تشير الأقوال التي أدلى بها شهود عيان إلى أن عناصر إيرانية خططت وسعت لوقوع حدث يربك الحج ويحرج الدولة السعودية ويقلل من خدماتها وقدرتها على إدارة مناسك الحج؛ وذلك حين يؤثر المشهد المأساوي الذي ينتج بعد عملية الإخلال بالنظام وتوقف الحشد الإيراني ومن استقطبوا معه لعرقلة سير الحجاج، وقد اختار منظمو جريمة الإرباك والقتل مكانًا يندفع إليه الحجاج اندفاعًا كبيرًا لرمي الجمرات صبيحة يوم العيد، وهو الوقت الأكثر ازدحامًا والأكثر عددًا في توافد آلاف الحجاج من منى للرمي.
وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية وغيرها تصريحات لأحد المسؤولين عن طوافة الحجاج الإيرانيين أن أكثر من ثلاثمائة حاج إيراني توقفوا وتجمعوا في شارع فرعي غير رئيس ورفعوا هتافات طائفية وسياسية ثم اقتحموا مسيرة الحجاج القادمين في شارع 204 الرئيس فحدث التصادم ووقع آلاف من الحجاج في بعضهم.
وأدلى شاهد آخر من دولة إفريقية بأنه قد عرض عليه أحد الإيرانيين مبلغ خمسين دولارًا للمشاركة في المسيرة الإيرانية.
وأشار متحدث سياسي إيراني معارض قبل موسم الحج بأيام إلى أن لديه معلومات تسربت بوجود نية لإحداث شغب في الحج يحرج الدولة السعودية ويثير عليها العالم الإسلامي للترويج لمقولة تدويل الإشراف على إدارة مناسك الحج!
كل الدلائل الأولية تشير إلى أن الحدث المأساوي مخطط له ومفتعل لإيقاع أكبر عدد من الضحايا بما يثير المشاعر الإسلامية ويستغل من وسائل الإعلام الإيرانية وغيرها مما يدور في فلك الخطاب الفارسي الشعوبي لإلقاء اللوم على السلطات السعودية وتحميلها المسؤولية الكاملة؛ متهمة إياها بعدم قدرتها على إدارة منسك الحج.
ومما يؤكد التخطيط الإجرامي المبيت للوصول إلى هذه النتيجة المؤلمة في جانبها الإنساني بقتل هذا العدد الكبير من الحجاج وإصابة ما يماثلهم أن الخطاب الإعلامي الفارسي ومن يدور في فلكه كان جاهزًا صبيحة وقوع الحدث المأساوي لتنطلق أبواقه الخائبة مرددة الفكرة المتفق عليها سلفًا والمرسلة إلى كل منصات الإعلام الإيرانية لتأكيد النتيجة التي تهدف إليها الجريمة التي أحدثها الحجاج الإيرانيون في منى؛ وهي التأكيد على تدويل الإشراف على الحج بين العرب والمسلمين!
إن هذا الخطاب الفارسي الحاقد واللئيم ليس جديدًا ولا غريبًا، وإن هذا الإجرام الذي كان سببًا في مقتل أكثر من سبعمائة وإصابة أكثر من ثمانمائة ليس غريبًا ولا مستنكرًا أن يقع من إيران تجاه العرب والمسلمين بعامة، وتجاه الحجاج بخاصة.
فمتى كانت إيران حريصة على حقن دماء العرب والمسلمين؟! ومتى كانت إيران خادمة للإسلام والمسلمين؟ وماذا قدمت إيران عبر تاريخها كله للإسلام وللمسلمين؟!
أما عداؤها للعرب؛ فليس موضع جدل ولا محاجة؛ فكل المدونات التاريخية والأدبية في سياقها الشعوبي تؤكد حقيقة العنصرية البغيضة ضد العرب، والشعر والنثر الفارسي يفيضان بالرؤية الفوقية والكارهة للعرب، والميديا الإعلامية الفارسية الحديثة تمتح من ذلك القديم وتضيف إليه رؤى المثقفين الإيرانيين المحدثين وما يحملونه من كراهية واحتقار للعرب.
إن عبارة «الأيدي الخفية» التي أشار إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في خطابه أمام ضيوف المملكة من رؤساء وفود الحج في منى يوم الجمعة الماضي كانت إيماءة ذكية نابهة ترمي في دلالاتها الواسعة إلى أن ثمة عملاً رديئًا مدبرًا تجاه الحجاج أولاً وتجاه المملكة ثانيًا، بمعنى أن الحجاج الذين ارتكبت في حقهم هذه الجريمة ليسوا إلا طعمًا وضحية للوصول إلى غرض سياسي قميء؛ وهو التقليل من إمكانات المملكة في إدارة الحج والطعن في قيادتها الدينية!
والمخطط الفارسي الغبي الذي كان يرمي للوصول إلى هذا التشكيك غائب عن الوعي؛ فما هو شاهد من توسعات وإعمار وتطوير وإنجاز وخدمات وأمن وأنفاق ورعاية وخبرة إدارية طويلة للحج ممتدة إلى أكثر من ثمانية عقود تصفعه وتسقط تخطيطه الغبي معه في نفايات الجنون والسفه السياسي.
لا يحتاج العالم العربي والإسلامي إلى دليل على نجاح وتميز الدولة السعودية في إدارة الحج ورعاية الحرمين، وستتجلى الحقائق قريبًا عن توحش الكراهية الفارسية وتوغل أطماعها في ديار العرب؛ فما هو «خفي» اليوم سيكون «مكشوفًا» غدًا.