د.ثريا العريض
أكتب الجمعة بعد كارثة أمس الخميس الذي حمل لنا عيداً كئيباً مؤلماً دامعاً.. فجعنا أمس بما حدث في مشعر منى من تدافع الحجاج ما تسبب في وفاة 717 حاجاً وإصابة 863 حسب آخر ما سمعت من التفاصيل الرسمية. رحمهم الله وغفر لهم وتغمدهم جنانه وبعثهم ملبين.
أن يحدث تدافع مأساوي في أي حشد يتجاوز الآلاف ليس مستغربا فالناس بطبيعتهم تحت الشعور بمداهمة خطر مجهول, لا يتوقفون ليفكروا منطقياً في ردود الفعل المناسبة والأكثر سلامة. ومع هذا حين نتذكر كل اجراءات الوقاية المستفيضة والتدريبات من كل الجهات الرسمية المعنية والجهود التطوعية فالأمر يتخذ جدية أكبر في التساؤل.
ما هو السبب فيما حدث؟ ولماذا ابتدأ التدافع؟
كل التقارير الرسمية والفردية جاءت تصف وتوضح مأساوية التدافع في وجود ملايين الحجاج في منطقة محدودة ومغلقة, ولكنها لا تشمل المسبب الأصلي بانتظار نتائج التحقيق.
أحد الأمور المساعدة على حدوث الكوارث في موسم الحج هو الجهل وقلة الوعي وضعف توعية الحاج القادم إلى ما يجب أن يكون عليه التصرف السليم.
قبل سنوات طويلة روت لنا والدتي -رحمها الله- الهول الذي عاشته ضمن ما يلقاه الحاج المنفرد حين تزاحمه موجة بشرية من الحجاج المترابطين المتمسكين ببعضهم جسديا يهرولون بسرعة تعني الموت سحقاً لمن يقع تحت أقدام الجموع ومن يليهم.
وليس هذا فقط ما يفعله الحجاج القليلو الوعي، فهناك حوادث قوارير الغاز والطبخ وحرائق المخيمات وضياع الأطفال وانتشار الأمراض المعدية، رغم معرفة الحاج القادم بأنه مريض يحمل العدوى لغيره من الحجاج.
لا أريد أن أتشاءم بالمزيد من المآسي في كل حج.. وأعلم مدى الجهد الذي يبذل في حماية زوار بيت الله والحجاج على كل المستويات.
وفق الله كل الجهات المعنية للنجاح في مسعاها. وحمى كل ضيوفه من كل شر وضر وفعل بشري؛ سواء جاء خطأ أو بقصد.
ولكن قلبي طفل وجل يرفض أن يهدأ.. ولا يطيق المزيد من العنف والموت.
أقف شاكرة جهود الجنود المجهولين محلياً من الدفاع المدني والصحة والمتطوعين كلهم، وأنتظر مع الذين يتمنون اتضاح الأمر وإعلانه بشفافية لترتاح القلوب.. واتخاذ ما يجب من الإجراءات بعد التحقيق الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين لكي تصمت أبواق الاتهامات والاستجابة لتأليب المؤججين إعلامياً من كل الأطراف القريبة والبعيدة.