د.ثريا العريض
تابعت أكثر من مرة التسجيل الرسمي لاستعراض مهارات قوى الأمن المتخصصة لحماية الحجيج وضيوف الرحمن بحضور سمو ولي العهد و أمير مكة ومعالي الوزراء، كان فعلا عرضا مبهرا إلى جانب كونه ممتعا ولذا تفاعلت مع تفاعل وجوههم بالفخر مع كل أداء فوق العادة، من ضمنها جاء استعراض مهارات القفز عبر إطارات مشتعلة, وتسلق ارتفاعات جدران ملتهبة بالنيران, واستخدام رافعات للوصول إلى مستويات عالية لإنقاذ رهائن ومحتجزين.
والأمن الدفاعي ليس وحده ما تهتم به القيادة بل كل جوانب خدمة الحجيج, ولكن الاهتمام بهذا الجانب مفهوم ومبرر في أجواء العواصف السياسية التي تتلبد وتعصف في الجوار القريب والبعيد.
استعدادنا الدفاعي يستحق الثقة والإشادة.
وليت الأمر يقف عند العواصف والتقلبات في الأجواء السياسية فتلك واضح كيفية الاستعداد لها، الأمر يختلف حين نرى حماية الحجيج وتكثف وجودهم في نفس الوقت بالملايين في بقعة محدودة المساحة مهما اتسعت.
موسم هذا الحج جاء كالعادة مؤطرا بعناية شديدة لحماية ضيوف الرحمن وتأمين كل احتياجاتهم السكنية والصحية والتوعوية.. ومع هذا هناك دائما تلك المفاجآت غير المتوقعة.
ولعل العالم كله تابع أخبار العاصفة التي شطحت بمكة وأهلها وضيوف الرحمن, وسرعة الرياح الهائجة التي عاثت بالمنطقة لدقائق معدودة كانت كافية لإسقاط الرافعة العملاقة وصرع 107 من الموجودين في الحرم.
رحمهم الله وغفر لهم وتغمدهم في أوسع جنانه، كما اختار لهم أن يصعدوا إليه من أطهر بقاع أرضه. وقد بذلت القيادة السعودية أقصى جهدها في علاج المصابين من المواطنين وغيرهم, وتطييب خاطر ذويهم وذوي الضحايا من كل الجنسيات بلا استثناء وتعويضهم ماديا ومعنويا.
لن أخوض في الجوانب القانونية عمن هو المسؤول عن مجزرة الرافعة, ولا في الجوانب الشرعية هل كانت قضاء وقدرا أم جريمة إهمال. ما اتخذ من إجراءات للتحقيق سيوضح كل التفاصيل، ويبقى ألا ننسى أن ما حدث جاء في ظروف ليست بين المتوقعات اليومية, ولكن الاستعداد لكل الظروف, مهما ندر حدوثها, مطلب مفروض من أي شركة تقوم بمشروع عام أو خاص قد يطال التهاون في إجراءات الحماية به العابرين من الأبرياء.
حج مبرور وسعي مشكور لكل من تعنى لأداء الفريضة من الجوار القريب والبعيد. أعان الله المشرفين على خدمات والتزامات موسم الحج أن يحتفلوا مفتخرين بالنجاح في القيام بها. وأن يعود الحجيج إلى أهلهم وذويهم في أوطانهم البعيدة والقريبة راضين ومحتفلين باكتمال فروض دينهم ومشيدين بما لقوا عندنا من عناية ورعاية وحماية.
كل عام وأنتم بخير.. عيد مبارك لكم ولأحبابكم جميعا.