سمر المقرن
قراصنة البحر والبر والفضاء لا يختلفون عن بعضهم البعض سوى في اختلاف أدوات القتل والترهيب، تجمعهم القرصنة وتُفرقهم الوسائل والأمكنة، القرصان هو القرصان مهما اختلف المكان أو الزمان أو الأدوات، هم الذين مهنتهم في الحياة السطو على الآخرين، يعتاشون على ذلك، كل مهاراتهم تتمحور حول البراعة في السطو على ما يملكه الآخرون.
أحدث انواع القرصنة هو الذي ظهر مع ثورة الشبكة العنكبوتية، وهو القرصنة الإلكترونية، وهي من أخطر وأشد أنواع القرصنة على مر التاريخ، كونها قد تخترق مفاعلا نوويًا تصل إلى كارثة بشرية. وقد تُخترق وزارة دفاع بلد فتهز وطناً كاملاً، وقد تتسبب في هز الاقتصاد العالمي كون القراصنة أثبتوا أنهم يمتلكون القدرة على اختراق الكثير من البنوك العالمية التي تدعي وتُعلن أنها عصيّة على قراصنة التكنولوجيا وقُطّاع طرق العالم الافتراضي.
وكم من مرة يُصرح فيها عراب الشبكة العنكبوتية «بيل قيتس» بأنه لا يمكن الجزم على أن هناك ما هو غير قابل للاختراق في فضاء الشبكة العنكبوتية، حيث أكد في أكثر من تصريح أن كل ما له علاقة بالانترنت قابل للقرصنة سواء طال الزمن أم قصر، الكارثة التي بدأت تجتاح العالم هي الاعتماد على قراصنة الانترنت وتسليمهم وظائف في مجال الحماية الاليكترونية، مثل توظيف سارق أو زعيم عصابة أو أصحاب سوابق في سلك الشرطة، أو كما نقول بالعامية: (حاميها حراميها) فمثل هذا قبل أن يكون كارثة أمنية فهو كارثة أخلاقية أولاً وأخيرًا، كيف تأتي بشخص مهمته اختراق حواسيب الناس وسرقة خصوصياتهم أو سرقة أموالهم وتعطيه منصبًا وظيفيًا مرموقًا؟ كيف تقوم شركة Zerodium المتخصصة في مجال أمن المعلومات بالإعلان عن مسابقة للقراصنة ومنحهم فرصة لكسب مليون دولار عن طريق اكتشاف ثغرة ضمن نظام iOS 9 الذي تصفه شركة أبل بأنه «آمن نظام تشغيل» على الإطلاق، هذا اعلان يمنح القرصنة الالكترونية شرعية وقانونية لا مثيل لها، هذا الإعلان هو تشجيع مطلق لهذه الجريمة سيضاعف أعداد القراصنة ومرتكبي الجرائم الاليكترونية لأنه تشجيع مُعلن! إن مثل هذا الإعلان سيضرب الأمن الالكتروني وأنظمة الحماية في مقتل وسيصيبها بداء لن تتعافى منه في القريب العاجل ولا حتى في البعيد المأمول.
إن ما يحدث هو عبارة عن تشريع للقرصنة ومنح المجرمين الذين يمتهنونها فرصة للفوز بمليون دولار كمكافأة عن ضربة قاضية للأخلاق البشرية قبل أي شيء آخر، فهذا القرصان الالكتروني لم يصبح قادراً على اختراقات بهذا الحجم الضخم سوى بعد العديد والعديد من الجرائم الالكترونية التي تتدرج من قرصنة أجهزة الناس العادية إلى قرصنة أجهزة أناس لهم وزنهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، لا آتي بسر إن قلت إنه لا يوجد ما هو غير قابل للاختراق في عالم الانترنت، لذلك علينا أن نحاذر ولا نسلم رقابنا لأناس غير أسوياء!.