سمر المقرن
لا يمكن لإنسان على وجه الأرض أن لا يكون قد مر بشعور الغضب، إلا أنه ليس كل إنسان يمتلك القدرة على كتم الغضب والسيطرة عليه، وحتى من يمتلك هذه القدرة قد ينجح في مواقف ويُخفق في أخرى، ويعود هذا للحالة النفسية التي يمر بها والأوضاع المحيطة. هذا ما دار بذهني وأنا أتابع مجريات أحداث الاعتداء الذي تم من قِبل سائق أجرة أردني على مواطنة سعودية في العاصمة عمّان، بعد خلاف على الأجرة. وأتصوّر أن الموقف قد أخذ أكبر مما يحتمل وأن مشاعر الغضب من الطرفين قد أوصلت الأحداث إلى ما وصلت إليه. أظن أنه في أي بلد لا يتم فيها التزام سائقي الأجرة بتشغيل العداد أن يلتزم الراكب بالسؤال قبل الصعود إلى السيارة إن كان العداد يعمل أم لا، وبذلك يكفي نفسه شرَّ الخلافات، أضف إلى ذلك وأقولها وأنا أعتبر نفسي بنت الأردن وأعرفها جيدًا، أن سيارات الأجرة لديهم هي أرخص سيارات أجرة في العالم، بل قد تركب من الدوار الأول إلى الدوار الثالث وتجد أن الأجرة قد لا تتجاوز دينارين أو ثلاثة، وكنت دائمًا أستغرب وأسأل إن كانت سيارات الأجرة تعمل على الديزل كون البنزين في الأردن يعتبر الأغلى في العالم، وفوجئت بأنها تعمل على البنزين وكنت أسأل نفسي دائمًا عن هذه الأجرة الزهيدة مقابل أسعار الوقود، وأنا هنا لا أدافع عن أحد ولست بصف أحد كوني لست شاهدة على الحادثة، إنما أتصور أن أي شخص يتم التعامل معه بالتلاسن والصوت العالي ستكون ردة فعله سيئة وقد تكون أسوأ مما نتصوّر وأكبر من حجم الموقف، لذا لدي قاعدة في الحياة أن الإنسان هو من يحترم نفسه، إلا في حالات استثنائية قد يتعرّض فيها الشخص لمواقف جارحة حتى وإن نأى بنفسه عن النزول لسفاسف الأمور.
كلمة حق لا بد من ذكرها، وهي أن الأردن من أجمل الدول العربية إلا أن ما يعيبها هو قصورها في الترويج عن نفسها سياحيًا، وكلمة دائمًا أرددها في المجالس وأقولها الآن في هذا المقال إن الأردن هي من أكثر الدول العربية أمانًا للسائح، وتتمتع بالنظافة في شوارعها ومطاعمها ومقاهيها ولها طابع مميز ومختلف عن أي دولة عربية أخرى، كما أنها من أقل الدول التي يُمكن أن يتعرَّض فيها السائح خصوصًا الخليجي للنصب أو الاحتيال أو حتى التمييز ضده. قد تحصل مواقف والبشر لا يمتلكون أخلاقًا واحدة، لكن هذا السائد وهذا ما أعرفه أنها بلد النشامى نسائها ورجالها، والمواقف السلبية والناس المرضى هم في كل مكان، ويمكن للإنسان نفسه أن يتحاشاهم ويمكنه أيضًا أن يمتلكهم بالرفق والكلمة الطيّبة، وهذا ليس ضعفاً كما أن اللسان الطويل ليس قوة، والاستسلام لأي استثارة تشعل الغضب قد يكون كما ذكر الطبيب اليوناني جاليوس أنه نوع من الجنون!