ناهد باشطح
فاصلة:
(القناعات كالطاولة التي لها أرجل وهي عبارة عن أركان تؤيد قوة هذه الفكرة، الفكرة ليس لها أرجل)
-انتوني روبنز من كتاب أيقظ العملاق-
الخبر الذي نشرته جريدة المدينة في عددها الصادر يوم 23-9-2015 عن الحاج البنجالي الذي انتحر وفي ظنه أن الموت وهو يرتدي ملابس الإحرام في مكة يضمن له دخول الجنة بدون حساب.
هذا الرجل الذي أمضى 50 سنة من حياته، خمسة عقود كاملة، كيف استطاع أن ينهيها هذه النهاية المأساوية لولا اعتقاده بجدوى ما فعل.
انما كيف ينشأ الاعتقاد ويجعلنا نقدم على ممارسة أي سلوك بغض النظر عن صحته أو خطئه؟!
المعتقد هو قناعة راسخة في عقل الإنسان لا يمكن خلخلة أركانها بسهولة، والقناعة قبل أن تتشكل تنشأ من فكرة تجد لها من الأدلة ما يجعلها قوية، وبمرور الوقت تكتسب عمقا أكثر ولا تتغير، ولذلك الناس الذين لا يفكرون في فحوى قناعاتهم لا يسهل تغيير أفكارهم.
الحاج البنغالي، كانت لديه قناعة أن لباس الإحرام وهو في مكة سوف ينجيه من حساب الله، وهي الفكرة التي بثتها بعض الكتب عن عذاب القبر وعذاب النار، بينما لم تبث كثيراً عن رحمة الله وعدله وإحسانه.
دفع الحاج حياته ثمنا لمعتقد غير صحيح، وكثيراً منا يدفع راحته وسلامته النفسية ثمناً لقناعات قديمة غير صحيحة.
من علَّم هذا الحاج أن الموت في مكة بملابس الإحرام سوف يضمن له الجنة، إلا تاريخ طويل من علاقة خائفة مع الله. علاقة تقوم على عبادة الله خوفاً من عقابه فقط، وهنا يتكرس الخوف ليجعل من أداء تعاليم الدين واجباً التقصير فيه يوجب عقاب الله، بينما عبادة الله إلى جانب الخوف منه محبة وطمعا في رضاه تسبغ على عباداتنا عمقا في تدبر كتاب الله وبحثا عما يكسبنا رضا الإله ورضوانه.