ناهد باشطح
فاصلة:
(الضمير: الصوت الداخلي الذي يذكرنا باحتمال وجود من يراقبنا).
(هنري لوبس منكن)
كلمة «يجب» أو بالعامية «لازم» من أقسى الكلمات التي تشوش أفكار الإنسان؛ فيدخل في دائرة صراع بين رغباته ورغبات الآخرين في المجتمع، وغالباً هو ينفذ رغبات المجتمع أو أفراده ذوي السلطة العاطفية عليه.
راقب وتأمل إلى أي مدى تستخدم كلمة «يجب» في حوارك مع نفسك والآخرين؛ وبالتالي فأنت تبعد كثيراً عن نفسك، وتسمح للآخرين بتشكيلك.
نمط الثقافة المعقدة ربما هو الذي لا يسمح للفرد العربي بالانعتاق من سلطته؛ فيقيده بأوامر معينة، لا يستطيع الانفلات من الالتزام بها، وإن لم تكن لها علاقة بالدين.
الإشكالية الكبرى أنه مع مرور الوقت، وتكرار كلمة مثل يجب، والانقياد لها، يسكت الصوت الداخلي لديك؛ فلا تسمعه كثيراً. وهذا وضع خطر، لا يحقق لك الاستقرار النفسي وتقدير الذات. فالصوت الداخلي مهمٌ في تسيير حياتك، وهو الذي قال عنه رسولنا الكريم «استفت قلبك».
هذا الصوت الداخلي لا يملكه البشر جميعاً، وقد شغل العلماء في دراسته، خاصة علماء الأعصاب؛ فهو يحدث بطريقة مشابهة جداً للصوت الخارجي لدرجة أنه يحرك عضلة صغيرة في الحنجرة، وتتم قراءة حركتها بتقنية تعرف بالتخطيط العضلي الكهربائي، وأيضاً تنشط منطقة «البروكا» في المخ حين تتحدث بصوت مرتفع.
في عام 2008 نجح العلماء في قراءة أول مكالمة هاتف بدون الصوت استناداً إلى القراءة العصبية والعضلية للشخص.
لكي تستطيع أن تركن إلى استفتاء قلبك يجدر بك أن تُسكت الأصوات الأخرى التي لا تفعل شيئاً سوى التشويش.
إصمات الأفكار عملية ليست صعبة، إنما تحتاج إلى تدريب وتأمل، تأمر فيه أفكارك بالصمت، وتحيي صوتاً داخلياً إيجابياً، لا يقفز للمستقبل بقلق. الصوت الداخلي ينمو باستشعار اليقين بالله.. بالامتنان له مهما اعترضت حياتك من صعوبات.. باستحقاقك لما تريد، وأخيراً بقدرتك على التسامح.
بمرور الوقت ستكتشف أن استفتاء قلبك يمنحك السلام؛ إذ يتضاءل تأثير الأفكار المتشابكة.
فقط عليك أن تحرص من محاكاة الذين مهمتهم إحياء الأصوات المشوشة وإصمات صوتك الداخلي.