محمد سليمان العنقري
بعد أن كانت جل الاتصالات تأتي من أرقام بريطانية لمسوقين يتبعون شركات مالية تتاجر بأسواق العملات والسلع، بدأت ظاهرة الأرقام السويسرية حيث تُفاجأ باتصال يعرض عليك الاستثمار من خلال شركات مالية كما يدّعي المسوّق على الطرف الآخر من خط الاتصال، ويقدم عروضاً مغرية حيث لا يشترط مبلغاً كبيراً، والعوائد جيدة والحفاظ على رأس المال والكثير من الإغراءات لجذب أكبر شريحة لحقل مليء بالألغام لا يعود إلا بالضرر على من يجازف بالدخول فيه.
والحقيقة أن أغرب ما تلاحظه هو أن رقمك الخاص واسمك يصل لهذه الشركات، رغم أنهم في دول أخرى ولا يوجد لهم أي ترخيص لممارسة نشاطهم بالسوق المحلي، ومن الواضح أنهم يستهدفون المواطنين بالخليج عموماً نظراً لأنهم يعتقدون بأن مبلغ كخمسة آلاف دولار والذي لاحظت أنه تكرر من كثير ممن تلقوا اتصالاتهم يتكرر كحد أدنى للاشتراك، فهم يرونه مبلغاً بسيطاً ويمكن امتلاكه من شريحة واسعة، بل إنهم أيضاً يعرضون نسبة مقاربة للأرباح تتراوح حول 22 %، والضمان أيضاً في غالبيتهم يصل إلى 90% من رأس المال.
أما الأهم للقارئ الكريم، فإن هذه الشركات لا تحمل رخصاً من هيئات دولية معتمدة كالبريطانية والأمريكية، وأيضاً هي مصيدة للكثيرين ممن يرون أن المبلغ بسيط ويستطيع تحمل خسارته، لكن بالنسبة لتلك الشركات إذا كانت أصلاً حقيقية فهو ربح كبير ويستطيعون بكل سهولة أن يحققوا لك الخسارة، لأنك ببساطة لا تعرف كيف سيديرون هذا المال إن لم يكن أصلاً فخاً للنصب، أي أنك ستفقد مالك بمجرد تحويله لهم إضافة إلى انعدام إمكانية مقاضاتهم وعدم جدواها، أي أنه لا يوجد أي حماية لمن يستطيعون إقناعه بعروضهم، وما حفزني للكتابة عن هذا الموضوع أن الاتصالات زادت منذ بداية العام بشكل كبير وأغلبها أرقام من سويسرا، وحتى عندما تطلب إنهاء المكالمة تجدهم يتصلون بعد أسابيع وبأسلوب جديد.
هنا لا بد من توجيه السؤال لهيئة الاتصالات: من يزودهم بأرقام المواطنين ومعلوماتهم؟.. خصوصاً أنني بعد إلحاح على آخر متصل من أين أتيت برقمي ذكر بأنه من شركات مختصة بالعلاقات العامة وبمعزل عن صحة كلامه، فما نأمله من هيئة الاتصالات التحقق من طرق تزوُّدهم بأرقام ومعلومات المواطنين، كما يفترض أن تتحرك بقية الجهات المعنية بالإشراف على القطاع المالي والاستثماري لاتخاذ إجراءات متنوعة، كالتوعية للجمهور بمخاطر الانسياق وراء تلك العروض، بالإضافة لإجراءات تتعلق حتى بمخاطبة نظرائهم بتلك الدول لإحكام السيطرة على تلك الشركات ومنعها من تسويق الوهم للجمهور الذين يتصلون بهم من باب تضييق الخناق عليهم، وكشف حقيقتهم حتى لا ينخدع أحد بهم، بل من الممكن إرسال رسائل توعوية بصيغة موحدة عبر شركات الاتصالات لتوعية الجمهور بمخاطر التعامل معهم.
التقنية وتطور وسائل الاتصال كما ساعدت بنمو الاقتصاد العالمي وسهولة تنقل الاستثمارات، إلا أن البعض استغلها لتعاملات مشبوهة وعمليات نصب، كما يشهد بذلك كثير من التقارير والأحداث والقصص التي انتشرت حول هذه الطرق الحديثة بالاحتيال من بوابة الاستثمار وعالميته التي باتت سهلة، فالشركات العالمية المرخصة والمعروفة لا تستخدم تلك الأساليب وتخضع لرقابة، بينما هؤلاء يستخدمون وسائل لا تحمل أي ضمانات ولا يوجد مستمسك قانوني يلزمهم بتعهداتهم، بل الغريب أنهم يقولون لك إذا كنت راغباً بالاستثمار من خلالنا، فلدينا ممثلون ببلدانكم لتنظيم العقود!.